مساحة حرة

الغرق في دوامة الأقساط والقروض.. حلول تحتاج إلى حلول

أن تُعلن المؤسسة السورية للتجارة عن عرض لتقسيطها المواد الغذائية للعاملين الدائمين والعقود السنوية دون فوائد في صالاتها فهذه مبادرة إيجابية، لكن ما يجب الوقوف عنده هو أنّ هذا النوع من المبادرات، رغم إيجابياتها، إلا أنها تدقّ ناقوس الخطر أمام سلّة المواطن الغذائية لتؤكد انعدام قدرته الشرائيّة،ولتشكل مؤشّراً قوياً واعترافاً واضحاً من الجهات المعنية بالتّفاوت الكبير بين دخل الفرد واحتياجاته الأساسية وخاصّة الغذائية منها.
السورية للتجارة حددت سقف التقسيط بمئة وخمسين ألف ليرة سورية لكل عامل تسدّد خلال مدة 12 شهراً، ليجده البعض طوق نجاة وسط الغرق اليومي في هموم تأمين مستلزماته الأساسية، رغم إدراك هذا البعض أن طوق النجاة هذا سيوقعه في هم الاجتزاء من راتبه الشهري الذي لا يحتمل أصلاً اقتطاع أي جزء منه، ورغم إدراكه أيضاً أنه سيضطر، آسفاً، للتقديم على قرض آخر جديد لوحت به السورية للتجارة للباس المدرسي والقرطاسية، ما يفتح الباب على أقساط وقروض أخرى قد تبدأ ولا تنتهي، ودون أن يدرك صاحبها هل هو ينقذ نفسه حقاً، أم أنه يزيد من أعبائه وهمومه..
الأمر أن الموظف بات مجبراً على الغرق طوعاً في دوامة القروض والتقسيط التي باتت الحل المرّ بالنسبة له أمام الواقع الاقتصادي الصعب الذي يمرّ به ليستفيق في نهاية الشهر على “لا راتب”، وخاصة في هذا الوقت من العام الذي تتزاحم فيه الأعباء عليه لتدبير معيشته ومؤونته السنوية وتأمين المستلزمات المدرسية، عدا عن تحصيل لقمته اليومية.
لعلّ الواقع الصعب والاستثنائي الذي تمر به البلاد تحتاج حلولاً صعبة واستثنائية، حلول تشكل إنقاذاً ملموساً إسعافياً ومستداماً، في الوقت نفسه، للمواطن الذي تحلى بالصمود طيلة سنوات الحرب المفروضة على سورية، والكل مدرك أن الحرب الاقتصادية التي تتعرض لها البلاد وأشكال الحصار الظالمة التي تشنّ عليها اليوم لا تقل قسوة عن غيرها من الحروب، ما يرفع سقف المسؤوليات أكثر ويضع الجميع أمام مهامه المطلوبة منه، والأمر لا يقتصر على ضرورة إعادة تخطيط اقتصادي شامل فقط، ولن يقف عند تفعيل زيادة الرواتب ومراقبة وضبط الأسواق فحسب، بل هو يتعدى ذلك للوصول لإعلان المواجهة الحقيقية، وبأقصى الإمكانيات، وبكل الوسائل، مع كل من تسوّل له نفسه اللّعب بلقمة عيش المواطن.

هديل فيزو