ثقافة وفن

المدافن الجنائزية التدمرية تحيي الفن وأساطيره

ما زالت تدمر تستجدي أساطيرها وفنها المدفون في موقع جبل الحسينية المطل على وادي القبور  لتطل بمدافنها التي تختلف بالشكل والمضمون عن المدافن الأخرى حيث أنها نوع جديد من الأبنية الجنائية التدمرية وجدت بنتيجة حتمية لدراسة ميدانية لمدافن تدمر ، وهي مدافن تم حفرها في جسم الجبل على مستوى الأرض ، كما أن المدافن الكهفية تتشابه مع الأبراج الجنائزية لأنها ظاهرة للعيان مما يعرضها للنهب والتخريب  ومداخلها مبنية بقطع حجرية تعلوها عتبات خالية من النقوش الكتابية والزخارف بينما اغلب النقوش الكتابية الموجودة التي تتعلق بتاريخ تأسيس المدفن التي كانت تتموضع على عتبة بوابة المدفن كما هو الحال في مدافن “إيلابل وعتنتان وبورفا”.

وقد أطلق التدمريون القدامى على مدافنهم اسم “بيت الراحة أو بيت الأبدية” إذ كان لكل أسرة تدمرية مدفنها الخاص الذي تم تزيينها بالزخارف المنقوشة على الحجر والرسومات على الشواهد.

 

وتتألف المدافن التدمرية من ثلاثة أنواع ، أولها “المدافن البرجية” وهي الأقدم وتعود للقرون الأولى قبل الميلاد نفتح للخارج مربعة الشكل ويتألف كل مدفن فيها من عدة طوابق يصل بينها درج حجري ، أما النوع الثاني فهو “المدافن الأرضية” وقد انتشرت في القرن الثاني الميلادي ومنها يعود للقرن الأول كالمدفن المبني باللبن وهو يوجد بقري ساحة “بعل سمشين” ويعود النوع الثالث للقرون الأولى أيضاً وعُرف باسم “المدافن البيتية” ويتألف كل واحد منها من طابق واحد بحيث يتقدم المدفن مدخل جميل وبابه من الحجر المنحوت في داخله باحة مكشوفة وتحيط به أروقة ذات أعمدة وحولها مصاطب بُنيت فيها القبور وأمامه وُضعت الأسرّة الجنائزية للعائلة مالكة المدفن .

 

تدمر بمدافنها الخاصة بأشكالها وتصنيفاتها المتعددة في المدينة الأثرية وُجدت في الجبل من خلال عدة تأويلات وترجيحات ، هل كان السبب لضائقة مالية ، وهل يمكن لأي شخص أن يبني مدفنه كما يحلو له ؟ ..! ويبدو الأمر بحقيقته وجود قانون كان ينظم ويشرف على هذه الشؤون يدعى “قانون الألواح الاثني عشر” وشمل في بنوده موضوع الموتى ومنع دفنهم داخل اسوار المدينة ، لذا كان من الأرجح وجود قانون آخر يحظر مخالفة التقاليد المتبعة في صناعة المدفن وفي حقيقة الأمر فإن موضوع المقابر التدمرية ما زال يتطلب المزيد من الدراسة والتقصّي عن نماذجها الثلاثة وما تبين يكون الخطوة الأولى للانطلاقة الجدية من أجل إعادة النظر في بعض المسائل المتعلقة بالعمارة الجنائزية التدمرية ولا سيما أن الاكتشافات الأثرية لم يكتمل عملها وساعتها ستقدم إيضاحات أكثر وإجابات أشمل وادق .

 

متابعة ــ نزار جمول