ثقافة وفنسلايد

الفيلم الوثائقي سينما لا وجود لها

دقائق معدودة أو ربما أكثر بتصوير دقيق واحترافي وسرد فكرة ما، ضمن سيناريو سلس يدخل القلوب بأسلوب إخراجي مميز حتى مساحات الصمت تكون فيه مدروسة، والتي أبدعتها مدارس عالمية انطلقت على يدي الأخوان لوميير بأولى أفلامهم الوثائقية ولم تتجاوز الدقيقة بعنوان قصص من الحياة والواقع.

لكن مازلنا في البلدان العربية عامة وسورية خاصة بعيدين كل البعد عن احترافية الوثائقي، بالمقابل استخدمت هذه الأفلام كسلاح وقف جنباً إلى جنب مع المخربين ليشوّهوا التاريخ ويزوّروا الواقع بطريقة احترافية، لا تلبث أن تسمعها حتى يخيّل إليك صدقها.

وهنا نتساءل لماذا لم نتصدى لهذه النوعية الخطيرة من الإنتاج حتى الآن…؟ وأين إبداع المخرجين السوريين…؟

كلفة عالية

المخرج السوري جهاد خضور عزى ذلك لكلفة الأفلام الوثائقية برغم قصر مدتها وأن الإمكانيات المادية هائلة وأضاف: “هناك مكتبات عالمية خاصة بتوثيق ما جرى بالعالم فعندما تتحدث عن أي موضوع حسب صيغة الفيلم يتطلب شراء بعض الوثائق والمواد الفيلمية الخاصة بهذا الموضوع”

وعن تخصص إخراج الفيلم الوثائقي قال خضور: ” باعتبار الفيلم الوثائقي يتعلق العمل به بالدقيقة والثانية فإنه يتطلب مخرجين كبار وخاصين بالأفلام الوثائقية ومصورين خاصين وهي غير متوفرة” مؤكدأ أنه لا وجود لهذا التخصص حتى الآن.

خطورة التهميش

معد الأفلام الوثائقية حمدان كوسا أكد أن الأمر مرتبط بالمكان والجغرافيا ، وأن أحوال الوثائقي في سورية تختلف عنها في مصر، و الوطن العربي ليس كأوروبا وأمريكا وآسيا.

وأضاف كوسا: “ما أريد قوله أن من يعرف قيمة الأفلام الوثائقية وقدرتها على التأثير بالجمهور لا يمكن أن يهمشها، فالغرب يسمي ما جرى حرباً أهلية وينتج أفلاماً تدعم هذا التوجه وتحاول تكريسه – على الأقل- في ذهن مواطنيهم، ودول المنطقة التي شاركت في العدوان على سورية تسمي ما جرى “ثورة” وتدعم رأيها بالأفلام التي تريد ترسيخ هذه التسمية، ونحن في سورية نعلم أن حرباً كونية قد شنت على بلدنا وهي  مستمرة ، لكن – بكل أسف – أقول إن إعلامنا لم  يتمكن إلى الآن من المواكبة العامة أي بالخبر والتقرير والحوار،  فكيف بالوثائقيات ؟!!”.

خيارات النجاح

حسب رأي كوسا أن الفيلم الوثائقي ينجح حين يحقق شروط إنتاجه ، فلا مشكلة إن أفلت من تعريفه التقليدي أم لا وأنه  ليكون الفيلم إبداعياً ، يجب – إلى جانب صدق المعلومة – استخدام جميع الوسائل والمؤثرات التي تستهدف قلب وعقل المشاهد، أي استخدام أدوات إنتاج الفيلم الروائي، موضحاً الفرق بين فيلم تم إنتاجه بطريقة عالية الوضوح HD أو K4 مع الأفلام التي تم إنتاجها قبل هذه التقنيات.

بوتقة التنميط

وضح كوسا سبب وقوع الفيلم الوثائقي في بوتقة التنميط هو إنتاج عدد من الأفلام الوثائقية لموضوع واحد أو قضية واحدة، فنجد أن بعضها ناجحاً ومبدعاً وبعضها غبياً وفاشلاً حسب تعبيره، وأن ما يجعل الفيلم نمطيا هو الجهة المنتجة وليس شروط الإنتاج أو قيوده .

كما ذكر المخرج جهاد خضور  أهم الأفلام الوثائقية السورية من إخراج أنور البني وهي “مذكرات وطن” و”مذكرات فلسطينية”، واعتبرهما أنها البداية لصفة الفيلم الوثائقي.

فالتهميش الوثائقي  ليس سببه فقط عدم وجود جهة تتبناه إنما يتحمل وزره بعض المخرجين الذين يعتبرونه محطة عبور لا أكثر متناسين ناحيته الإبداعية والتي من المفترض ألّا يقترن بمجرد توثيق أو نوع من الأرشفة للأحداث.

البعث ميديا || ريم حسن