سلايدمحليات

“معتمد الخبز”.. “زادَ الطّين بلّة”!

في الوقت الذي تلقي الأزمة الاقتصاديّة بظلالها على السّوريين لتعلن سطوتها الظالمة على أدقّ تفاصيل حياتهم، مع كل ما يحاط بها من حصار ومؤامرات تتعمّد زيادة الضغوط والأعباء، في محاولة لاختراق العمق السوري الصّلب، والتأثير في قراراته السيادية والمصيرية، في هذا الوقت الصعب، وأمام هذا الواقع الذي يتطلّب أقصى درجات التكاتف والتعاون في سبيل النهوض، ترى فئة من الناس تستغل هذه الأزمة لتفرض تحكّمها وتسنّ قوانينها الخاصة بها وحدها، مستغلّة الأوضاع الطّارئة في البلاد، وسط انتشار الفوضى وغياب الرّقابة..

الحال أن الأزمة لم تعد تقف عند الصّعوبات المعيشية التي يساهم بها تجّار الأزمة، وما يرافقها من احتكار للسلع وارتفاع محموم بالأسعار، وصعوبة تأمين الحاجات الأساسية التي تتطلبها الحياة اليومية، فكل هذه الصعوبات تتضاءل أمام رغيف الخبز الذي يعد صمام الأمان الغذائي لدى السوريين، لكنه بات اليوم مصدر قلقهم بعد أن أصبح أمر الحصول عليه صعباً، أمام الازدحام الكبير في الأفران، وأمام “معتمد” الخبز، الذي منح لنفسه حقّ التسيّد على غيره ممن هو مكلف بتلبيته وتأمين حاجته اليومية من الخبز، علماً بأنها مهمة مجزية ومكاسبها المالية كبيرة..

ومع ذلك، تفرض المعاملة السيئة نفسها على واقع “بائعي” الخبز، ومع وجود القلة القليلة التي يمكن استثناؤها من هذا الواقع، إلا أن أكثرهم يغلب عليه طابع العصبية والتحكم، حيث بات الجميع يتمنون رضا “بائع الخبز” كي يؤمنوا قوت يومهم دون أن يفرغ غضبه مجهول الأسباب على الواقفين بانتظار دورهم، فالأمر قد لا يقف عند حد الصراخ وإسداء الأوامر فقط، بل يمكن أن يتعدى ذلك لتهديد الجميع بحرمانهم من خبزهم إن لم يلتزموا بتعليماته وأوامره.

وإن كان الهدف من توزيع الخبز من قبل المعتمدين هو تنظيم التوزيع وتخفيف الازدحام ومنع التجمعات والحرص على وصوله لكل عائلة، فإن أغلب المعتمدين لا يقوموا بمهتهم كما يجب، بل إنهم لا يكترثون للازدحامات التي يفرضونها بتأخر التوزيع، ويتعمدون حرمان البعض من هذا الحق، تحت ذرائع جلها واهية، ولا يحق لأحد الاعتراض أو النقد.

ويبقى توازن المعادلة متأرجحاً بين ضرورة زيادة عدد المعتمدين وتنسيق توزيعهم وحسن اختيارهم وأهمية الرقابة الدائمة عليهم وضبط سيرورة عملهم بما يخدم المواطن ويضمن حصوله على قوت يومه بأقل الأضرار الممكنة، وبما يكفل حقّه في العيش الكريم، هنا تقف مطالب أغلب السوريين الذين تجاوزا أعتى الظروف طيلة سنوات الأزمة، متطلعين إلى المرحلة المقبلة التي ينتظرها الجميع والتي تتطلب أشخاصاً لديهم النية الصّادقة والحقيقية للتخلص من كلّ سلبيات المرحلة السّابقة وتجاوزها وصولاً للنهوض والإصلاح.

البعث ميديا – هديل فيزو