محليات

معتمدو التربية يتحكمون برواتب المعلمين والوكلاء.. والمصارف ليست جاهزة!

قبل نحو عام تقريباً اعترض معلمي ومدرسي أحد المجمعات التربوية في ريف دمشق، على قيام معتمد التربية باقتطاع مبلغ معين من الرواتب لقاء قدومه وتسليمه مستحقات الموظفين في تلك المنطقة، واستجابة للشكوى استبعد المعتمد واستبدل بأخر.
لكن مشكلة أخرى واجهت المعلمين بعد هذا الإجراء، حيث اضطروا للانتظار ليوم كامل في المجمع التربوي لتقاضي رواتبهم، إذ يوجد ما يزيد عن 1000 موظف، على أقل تقدير، تابعين له، وذلك قبل تعيين المعتمد الجديد، الذي لم يختلف عن سابقه بشيء سوى أنه زاد المبلغ المقتطع من كل راتب، بحجة ذهابه إلى كل مدرسة وتسليم معلميها وإداريها رواتبهم، رغم أن كل ما يفعله هو التواجد بمدرسة معينة وعلى المعلمين التوجه إليها، ولكن هذه المرة لم يتجرأ أحدٌ على الشكوى خوفاً من ارتفاع المبلغ أكثر في حال استبدل بجديد.
هذه الحادثة سمعناها على لسان أكثر من معلمة ومدرسة، من العاملين في نطاق المدارس التابعة لذلك المجمع، وكنا قد التقينا بهن وأخبرونا عن هذا الوضع، لافتين إلى أن المبلغ المأخوذ يختلف حسب راتب كل معلمة، ولا يمكنهم التعبير عن استيائهم من الموضوع.
“البعث ميديا” نقل هذه الشكوى إلى وزارة التربية للاستفسار منهم عن هذا الأمر، وجاءنا الرد من مديرية تربية ريف دمشق، المسؤولة عن تلك المنطقة، بأنه لا يجوز على المعتمدين تقاضي أي مبلغ لقاء تسليم المعلمين رواتبهم، مهما بلغت القيمة المقتطعة، مؤكدين على محاسبة أي معتمد ترد بحقه شكوى.
ما تقوله المديرية لا يتنافى مع الإجراء المتخذ بحق المعتمد السابق، لكن يبدو أنه لم يشكل رادع للمعتمد الجديد الذي رفع التسعيرة ولم يبالى بأي شكوى قد تتقدم بحقه، ويبدو أن أي معتمد سيتسلم المهمة من بعده سيسير على الطريق ذاته، خاصة وأن فيشة الراتب لا تسلم بشكل دوري للمعلمين وبالتالي لا يعرف الكثيرون ما الذي يخصم لهم، وهذا بالنسبة للمثبتين المحددة رواتبهم ونسب الخصم والضرائب، لكن الأمر مختلف مع الوكلاء، الذين يتقاضون رواتبهم مرتين في السنة ولا يعرفون أي تفاصيل عنها، وهذه تشكل مساحة واسعة يستغلها المعتمد لصالحه.
وفي هذا السياق، ذكرت عدة معلمات وكيلات أن كل واحدة منهن تتقاضى راتبا مختلفا عن الأخرى، دون أن تكون لديهن فكرة عن الرواتب المستحقة، وهنا بينت لنا تربية الريف أن المعلمين الوكلاء يتقاضون رواتبهم بموجب جداول موضح فيها التفاصيل، ويمكنهم الإطلاع على قيمة الراتب والتأكد منه قبل التوقيع بالقبض، هذا بحسب المديرية، لكن الواقع على الأرض مختلف تماماً.
البعض طرح حلا لهذه المشكلة عبر تحويل الرواتب إلى الصرافات الآلية كما في المدينة، وفي هذا الخصوص، ذكرت تربية الريف أنها خاطبت كلا من المصرف العقاري والتجاري لتحويل رواتب الموظفين عبر بطاقات الصراف، إلا أن الرد جاءها بالاعتذار لعدم الإمكانية.
وبناء على ما وردنا من مديرية تربية الريف، توجهنا إلى المصرف العقاري، حيث أوضح لنا مدير المصرف، الدكتور مدين علي، بأن البنية التحتية لا تسمح بتوطين رواتب جديدة، لافتا إلى أن هناك مطالبات من جهات حكومة عديدة لتحويل رواتب موظفيها عبر صرافات العقاري، إلا أن النظام المصرفي بحاجة لتطوير لاستيعاب الكتل المحولة، منوها إلى أن العمل جارٍ لتطوير نظام عمل المصرف، وقد يستغرق الأمر من 5 إلى 6 أشهر.
ولحين تمكن المصارف من توطين رواتب المعلمين، ألا يجب أن تُتخذ إجراءات حازمة وفاعلة لضبط عملية تسليم الرواتب، فمهما كانت المبالغ المقتطعة بسيطة ولا تذكر، إلا أنها مجتمعة تزيد عن أجرة الطريق، التي يدعي المعتمدون أنهم يدفعونها لقاء تنقلهم بين تجمعات المدارس، بل حتى تفوق الراتب الذي يتقاضاه هو بأضعاف..

البعث ميديا  ||  رغد خضور