الشريط الاخباريمحليات

ليس هذا البحث العلمي الذي نريده .. ورش العمل والندوات لا زالت في إطار الاستعراض!

 

جميل أن نرى جامعاتنا ناشطة بإقامة ورشات العمل والندوات بخصوص البحث العلمي، لكن الأجمل أن تتوج التوصيات والمقترحات بفعل حقيقي على الأرض، وإلا ما الفائدة من كل هذا الحراك والاستعراض الإعلامي؟.

مبعث ومبرر هذا السؤال أن الندوات والمؤتمرات والملتقيات وورش العمل كافة التي عقدت منذ عقود ولغاية الآن بهدف تطوير البحث العلمي لم ينفذ ما “يحرز” من توصياتها، فالملاحظ أنها تتكرر في كل مناسبة، فقط يتم تغيّر التاريخ على الورق المؤرشف ضمن مصنفات أنيقة!.

لا شك أن وزارة التعليم العالي هي أكثر الجهات المطالبة بتطبيق البحث العلمي، بالرغم من وجود الهيئة العليا للبحث العلمي، وخاصة عندما اقترن اسمها “وزارة التعليم العالي والبحث العلمي”، لكن جردة حساب لما تم تنفيذه من خططها “الإستراتيجية” يوحي بأن الأمور ما زالت في طور النوايا بالرغم مما صدر عنها فيما يخص البحث العلمي كقاعدة البيانات وصناديق دعم البحوث!، حيث في كل مناسبة تتحفنا “التعليم العالي” بأن من ضمن أولوياتها في المرحلة الراهنة والقادمة هي تطوير البحث العلمي وبناء القدرات الوطنية العلمية وإعداد الكوادر البشرية اللازمة لإعادة الإعمار والتنمية المستدامة من خلال الربط والتشبيك مع وزارات ومؤسسات الدولة والقطاع الخاص!.

لا يحفّز على الشغل!

أثناء الحديث مع عدد من طلبة الدراسات العليا وبعض الأساتذة لمسنا شكوى وأنين من معاناتهم مع البحث العلمي، التي تتجلى بالإهمال لطلبة الدراسات بدءاً من اختيار البحث مروراً بمزاجية الأستاذ المشرف، وصولاً إلى التنفيذ وتدني المردود المادي الذي لا يكفي اليوم لشراء “ربطة عنق” على حد قول بعض الأساتذة!.

وباعتراف الأساتذة العاملين في البحث العلمي أن المردود المادي لا يحفّز على الشغل بالبحث العلمي، مؤكدين أنه أصبح وسيلة للترقية العلمية أكثر مما هو لخدمة الجامعة والتنمية، مشيرين إلى أن صناديق البحث التي أنشأتها وزارة التعليم يجب أن تكون أكثر سخاءً.

وبرأي العديد من طلبة الدراسات العليا أن مشكلة البحث العلمي في المؤسسات البحثية السورية لا يمكن أن تحل طالما لا يوجد هناك تشخيص حقيقي للمشكلة التي تؤدي لغياب أو ندرة الأبحاث العلمية، متهمين الإدارات بالمزاجية بالتعامل بهذا الخصوص.

وتساءل أحدهم: لماذا لا ينفض الغبار عن عشرات، بل مئات البحوث المدفونة في الأدراج والتي كانت وما زالت قادرة أن تقدم حلولاً لمشكلات مزمنة تشدنا إلى الوراء!.

ويجمع الكثير من الأساتذة أن انطلاقة البحث العلمي للتطبيق العملي يحتاج بيئة تشريعية مرنة ومالية سخية ولجنان تحكيمية عادلة تميّز البحث العلمي من “البحش” مشيرين إلى وجود أبحاث لا قيمة لها ومشكوك بها “قص لصق”.

هل هذا معقول؟

يقال أن تحكيم رسالة ماجستير في الجامعات السورية لا يتجاوز الـ 4000 ليرة، والإشراف على الماجستير 15000 ليرة، والدكتوراه 25000 ليرة!!.

وأن تعويض تقييم مقال علمي في المجلة 2000ل.س  يحسم منها ضريبة 200ليرة ضريبة، فيما يبلغ هذا التعويض في جامعات مصر ولبنان والأردن أكثر من 100 دولار!!.

بالمختصر المفيد، كل ما ينقصنا لتفعيل البحث العلمي التطبيقي هو الإرادة القوية عند الباحثين التي تتأتى من الدعم المادي والتحفيز المعنوي، والأهم أن تكون هناك إدارة ناجحة تضع الخطط المدروسة جيداً وفق برامج تنفيذية قابلة للتطبيق وذات جدوى والاعتماد على آليات صحيحة، فيكفي حشر آلاف البحوث العلمية المتميزة في المستودعات أو عرضها في رفوف المكتبات!.

البعث ميديا – غسان فطوم