ثقافة

ماذا ننتظر؟!

الفنون بأنواعها المختلفة من قصة ورواية ومسرح وغيرها، يكون همها الأكثر ثقلا خلال الحروب والأزمات،هو تقديم صورة ترصد الواقع بأبعاده المختلفة، ومن ثم تقديم قراءة نوعية لأسباب وتداعيات ونتائج ما حدث، على مستوى المجتمع ككل، وبمختلف شرائحه العمرية.
اللافت سواء خلال الحرب على بلدنا وحتى اليوم، أن الدراما المحلية بأنواعها و الأدب بعموم أشكاله، اشتغل على تقديم ما يدور في فلك هذا الإطار، إلا أن المشكلة التي يمكننا أن نلاحظها بوضوح أنه وبالرغم من أن الأطفال السوريين على مساحة القطر، ومن مختلف الشرائح العمرية، كانوا الحلقة الأكثر هشاشة، فيما حدث والأكثر تأثراً نتيجة له، وهو ما تجسد فقراً وتشرداً، حزنا ووجعا، فقدا واستغلالا، بشاعة ووضاعة، إلا أننا لم نشاهد إلى اليوم مع الأسف مسلسلا أو فيلما موجها إليهم يروي، حقيقة ما حدث بما يتفق مع مستوى وعيهم ما! ويكون بمثابة وثيقة بصرية يرجعون إليها في قادم الأيام، في حال احتاجوا إلى دليل، وهم سيحتاجون لهذا لا ريب.
نحن نتحدث عن أطفال، بعضهم لا يرتقي عمرياً إلى مرحلة تؤهله للبحث والتحليل وقراءة ما خلف الحدث، السؤال أليس هناك ميزانيات مخصصة للنهوض بوعي أطفالنا ومن ضمنها صناعة برامج ومسلسلات موجهة لهم، تواكب الواقع وتقدمه لهم، عوضا عما سيرونه من تزييف له في أماكن أخرى؟
وما دمنا نتحدث دوماً عن الطفل، كأحد أهم الجوانب التي يتوجب علينا العمل لتخليصها من مخلفات الحرب، لماذا لم نبدأ العمل إلى الآن على الصورة البصرية المقدمة إليهم لتحقيق ذلك؟ ماذا ننتظر؟.
أين هي الأعمال الدرامية التي تنطعت لهذا الدور اليوم؟ لا يوجد، كيف تعاملنا مع حقيقة أن “الجوال” وما يتضمن عليه، صار من الوسائل المفضلة لديهم للتعرف على العالم واكتساب المهارات؟ لا يوجد حتى اللحظة إلا متفرقات لا ترقى لأن تكون مرجعا، لا في الشكل ولا في المضمون!
العمل على ذلك لازال اعتباطيا وبلا ملامح واضحة، خصوصا في الدراما التلفزيونية، التي أصبحت شئنا أم أبينا، من المساهمين في بناء وعي الأبناء، ويبدو أن هذه الثيمة ليست جذابة لُصناع الدراما لدينا!.
المشكلة كبيرة إن لم نكن إلى الآن قد تنبهنا لخطورة ذلك، والأخطر أننا مازلنا ننتظر أننبدأ العمل على هذا الجانب، لأن ما ترسخ في وعي أطفالنا اليوم، لن يكون من السهل نزع بشاعته وعميق تشويهه غدا.
تمّام علي بركات