علوم وتكنولوجيا

“منبه الحب”!!

هل تخيلت يوماً أن تتلقى إشعاراً على هاتفك الجوال مفاده بأن هناك من هو معجب بك في نطاق 10 أمتار، وأن قصة حبك ستبدأ إذا تلقى الطرف الأخر الإشعار ذاته منك، لتمضي في علاقتك وتستمر بالتأكيد عليها بكل مرة يرن الهاتف فيها..

للوهلة الأولى تبدو الفكرة خيالية ولا يمكن حدوثها، لكننا في عالم باتت فيه التكنولوجيا تتحكم بكل تفاصيلنا، حتى بعواطفنا ومشاعرنا، والتي أصبح التعبير عنها مقروناً باللايكات والتفاعلات والإيموجي ضمن العوالم الافتراضية، وهذا ما حاول مسلسل “منبه الحب” تصويره، حيث عرض العلاقات البشرية في زمن التطبيقات، وبشكل خاص إذا كانت هي من تختار الشخص الذي تحب وتحدد لك قائمة الأشخاص المحتملين للإعجاب بك.

كما عرض علاقة الأبطال من خلال “المنبه”، وفشلهم بعيش حياتهم بعيداً عنه لارتباط التطبيق بشكل وثيق بمفهوم الحب والتعبير عنه، وكذلك صور حياة المجتمع الذي انتشر فيه، وكيف تحول الأمر إلى لعنة حلت على الجميع، وخاصة من لم يتلق أي إشعار يخبره بأن هناك من يحبه، ما تسبب بفوضى عارمة أدت لعمليات انتحار جماعية، لاعتقاد أولئك الأشخاص بأنهم منبوذين وغير محبوبين.

وهذا ليس العمل الأول الذي يتناول مفهوم الحب في العصر الحديث، حيث تطرق مسلسل “بلاك ميرور” في إحدى حلقاته لذلك، ولكن بطريقة طرح مختلفة، فالتطبيق لا يكتفي بتحديد من ستقابل بل مكان اللقاء وتوقيته وحتى مدة العلاقة بين الطرفين، مصوراً العالم البشري في حالة عجز عن إيجاد الشريك المناسب، متعب من الفوضى والمخاطرة غير مأمونة العواقب التي تكتنف أي علاقة، لذا ترك هذه المهمة للتطبيقات المختلفة.

وفي عالم لن تُخفى فيه المشاعر، حاول صناع العملين التأكيد على أهمية المشاعر الإنسانية الحقيقية وأنها الأساس في كل شيء، من خلال تفاعل الأبطال مع بعضهم وتمسكهم بخوض مغامراتهم بعيداً عن تلك الاختراعات الذكية، وما مروا به لاكتشاف من يرغبون بالاستمرار معه، وكيف انتهى بهم الحال مع الشخص الذي اختاروه بملء إرادتهم.

قد تكون التكنولوجيا وتطبيقاتها رائعة وتسهل الكثير من الأمور، لكنها بالمقابل سرقت كل اللحظات المميزة، وكانت سبباً للتشتت وجعل الناس أكثر بُعداً، رغم كل إمكانيات التواصل التي أتاحتها، وما نحن بحاجة إليه اليوم هو إعادة اختراع المفاهيم الغائبة وإحيائها لنبقى متحكمين بحياتنا وخياراتنا حتى لا نخسر أنفسنا.

 

رغد خضور