مجتمع

الإقصاء وعقلية إلغاء الآخر!

كلما زادت مساحة الرؤية وتقديم الممكن عند بعض الأشخاص في المجالات كافة، ضاقت نظرة بعض الناس لهم، من خلال حصارهم واتباع ثقافة الإقصاء السائدة، والتي حولها البعض إلى نهج  في سرقة الأضواء، سلوكيات تفاقمت وتسببت في خلق بيئة غير مناسبة، على الرغم من المجالات المفتوحة على احتمالات متعددة وعطاءات متجددة، إلا أن المسألة ترتبط ببنية الشخص الذهنية، من خلال خلق  الذي يحيط به ثانياً.

أمثلة عديدة تطرح في هذا السياق الذي تعددت طرقه وأساليبه في مجالات الحياة، لنكون أمام معضلة غير حديثة العهد، ولكنها تأتي دائماً بأثواب متعددة غير مرغوبة. والسؤال هنا هل هي ثقافة مجتمعية، ومن هوالمسؤول عنها، المجتمع, الأهل, أم المدرسة؟..

حالات وآراء

هناك عدة حالات للإقصاء، منها ثقافي، ديني، واجتماعي، حسب رأي أحمد، صحفي، فعندما تخرج الأصوات عن ترتيب معين، ويخرج شخص ما عن القيود المعتادة والقضايا الثابتة يقابل بنظريات قمعية ويتم إقصاؤه، ولكن مع مرور الأيام وتطور الثقافات والانفتاح الكبير والانتشار الواسع على مواقع التواصل بدأت تظهر صوابية بعض الأصوات، وبدأت الناس بالتأسيس لأفكار جديدة ناجحة خلاقة وجذابة، لكنها قوبلت أيضاً بالإقصاء والإلغاء بسبب نجاحاتها وليس بسبب فشلها، لأنه ما زال هناك ريع قديم يخشى هذا التغيير، لذلك يتم إقصاء أفكار جيل الشباب، وهذا سبب رئيسي بعدم تطوير الدول وتطوير مهاراتها وأفكارها، وأمام هذه المعطيات فإن الحل الوحيد لعلاج هذه المشكلة يكون برفد المؤسسات بالمهارات الشابة والاعتماد على الجانب التطويري والتدريبي لرعاية الأفكار الجديدة والعمل على منظومة عمل واحدة والخلاص من جانب الغيرة الوظيفية.

وبرأي مريم، موظفة، فإن الإقصاء حالة موجودة ومنتشرة في كل المؤسسات، إن كان في مؤسسة ثقافية أو غير ثقافية، حيث تلعب العلاقات والصداقات والمحسوبيات دورها في ظهور البعض على حساب آخرين  يتم إقصاؤهم، على الرغم من أن البعض منهم يقل عنهم في الخبرة والعلم،  وفي بعض الأحيان تعد المؤسسة الثقافية المثقف لا نفع له طالما أنه يؤدي مهامه الموكلة له في هذه الوظيفة، وهنا أعتقد أن المثقف ذاته يقصي نفسه باعتبار هذا المكان ليس مكانه لكنه باب رزقه ويثبت ثقافته وذاته في مكان آخر.

من منظور اختصاصي

الدكتورة رشا شعبان، أخصائية في علم الاجتماع،  بينت في حديثها لـ”البعث ميديا” أن العمل في بعض الأحيان، يتبع للعقلية الفردية تلك العقلية لا تنبني على التنافسية الايجابية في العمل، وإنما  على أساس التنافسية العدائية، بما معناه أنا أكون حيث أنت لا تكون، وهذا العقل الفردي يقوم على أساس أبني ذاتي من خلال هدم الآخر، وطبعاً بهكذا عقلية لا تبني مؤسسة، لأن العقل فيها ليس مثالياً، وإنما عقل عدواني على المؤسسة بذاتها، لأنه في النهاية تنعكس تلك العقلية الفردية التنافسية العدائية على أساس هدم المؤسسة، وليس هدم الآخر فقط، ومن هنا نرى في بعض مؤسساتنا سياسة الاستثناء، وأيضا تفضيل المصلحة الفردية على المصلحة العامة.

للأهل دور

كما بينت شعبان أن الأخلاق لم تظهر لدينا كسلوك، وتربية الأهل في وقتنا الحالي لا تكمن في توعية الأبناء بقدراتهم، وحضهم على حبهم للعمل وللآخر والغيرية والإيثار، فذلك يندرج ضمن شعارات فقط دون أن يرافقه السلوك، ونلاحظ حتى بين الإخوة عندما يسمح الوالدان لأحدهم بأن يفتن عن الآخر، أو السماح لأحدهم بأن يتقرب منهم أكثر من الآخر، كل ذلك  سينعكس سلباً في بناء شخصية خاطئة، فالتربية في المنزل يجب أن تكون قائمة على السلوك التعاوني والمحبة  وبناء نفسه والآخر معه..

المقارنات المدرسية

كما تحدثت شعبان عن دور المدرسة في الأمر، موضحة أن أسلوب التعليم لا يخلو من الخطأ في بعض الأحيان، لأنه يبنى على أساس التنافسية على العلامات، فعمليات المقارنات المدرسية خاطئة، فمثلاً أن تتم المقارنة بين الزملاء على أساس التفوق فقط، والمفروض أن يكون التنافس على أساس السلوك والقيم أيضاً، مع التركيز على تنافس الطالب مع ذاته، بمعنى كيف كان في السابق وكيف أصبح، وصولاً لبناء شخصية قوية تتحدى ذاتها قبل أن تتحدى الآخرين.

 

وفاء سلمان