اقتصادالاقتصاد المحلي

الاستفادة من تجربة البطاقة الذكية ليست “مزاحاً”

جاء عدم استقرار السوق المحلي على أسعار الغذاء نتيجة عدة عوامل داخلية وخارجية ساهمت بشكل كبير بارتفاعات جنونية في الأسعار، خاصة منذ بدأت أزمة كورونا، وبات ارتفاع كلفة الطاقة المؤثر الأكبر في نقل الغذاء، ويمكن القول إن مشكلة الطاقة تحولت لمشكلة عالمية، فإذا كانت ستضعف مستوى الدخل في البلدان الفقيرة، فهي بالتأكيد ستؤثر على البلدان المتقدمة والتي كانت معتادة على مستوى رفاهية معينة، حيث ستنفق أغلب دخلها على الأغذية، وتشير بعض التقارير إلى أن العالم سيواجه أزمة غذاء عالمية، خاصة أن بعض الدول الأوروبية طرحت موضوع التقنين في الغذاء عبر بطاقة تموينية، والتي كانت سورية هي السباقة في تطبيقها، حيث تم إرسال وفد لها للاستفادة من هذه التجربة.

وإذا راقبنا العالم جيداً، وعبر مؤشراته الاقتصادية، سنجد أن نسبة التضخم في الولايات المتحدة وصلت لأكثر من 4%، ومعظم دول أوروبا تجاوزت 3%، وهنا تؤكد الباحثة الاقتصادية بالعلوم المالية والأسواق المالية، نور اللبابيدي، أن العالم سيكون على أعتاب دخول فترة تضخم غير مسبوق لها، وستسعى تلك الدول إلى استخدام سياسة توسعية لرفع أسعار الفائدة لتخفيف من وطأة التضخم، لكن لايمكن أن تحل المشكلة، فهناك سيقف النظام المالي العالمي الحالي عاجزاً عن الحل، وهنا تحديات اقتصادية سيواجهها العالم، ليقف أمام طور التغيير لولادة نظام مالي جديد..

وتتابع اللبابيدي، فيما يتعلق بانعكاسات الأزمة العالمية على سورية، التي كانت تعتبر أهم دول المنطقة بتحقيق الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي، وكان لديها احتياطيات استراتيجية هامة للمحاصيل الاستراتيجية استهدفتها الحرب الظالمة والعقوبات اللاإنسانية لتدمر البنية التحتية للاقتصاد الزراعي، فإن الإجراءات القصرية حرمت الشعب السوري من خيراته وثرواته، ومع ذلك عملت الحكومة السورية على القيام بعدة إجراءات لإعادة الدعم للقطاع الزراعي، وتأمين عقود الحبوب عن طريق روسيا، ولابد من الإشارة إلى أن تجربة سورية مع الحصار والعقوبات نشأت منذ الثمانينات، ولها خبرة عريقة بتوزيع المواد الغذائية الأساسية عبر البطاقة التموينية، وعبر البطاقة الذكية حديثاً، لتأمين الحد الأدنى من المواد الغذائية الأساسية لجميع أفراد المجتمع، ودعم هذه المواد من خلال المؤسسات الحكومية وجمعيات حماية المستهلك ومكافحة الاحتكار، وهذا ما أعطى أسلوباً مهماً في التماشي مع الأزمة العالمية الحالية، لذلك ستلجأ العديد من الدول، ومنها الأوروبية والإفريقية، لتأمين الحد الأدنى من الصمود في الأزمات والحروب، وحماية أفرادها من التعرض للمجاعات القاتلة.

ميادة حسن