ثقافة وفن

صاحب الأنف الذي لا يخطئ

 

قلة هم الفنانون الكوميديون السوريون والعرب الذين تركوا في وجدان الجمهور السوري والعربي الذي تابع أعمالهم من المحيط إلى الخليج، أثراً عميقاً لا يمحى، بمختلف شرائح هذا الجمهور، حتى إنهم صاروا أيقونات محلية وعربية لا يمكن تجاوزها أبداً في هذا الفن منهم “الكوميديان” السوري المبدع عبد اللطيف فتحي”أبو كلبشة” “الكاركتر” الأشهر لهذا الفنان السوري الخلاق، الذي نحت بأدواته التعبيرية العفوية والمعقدة بآن “كاركتراً” لن يكرر في عالم الدراما، رغم وعورة الطريق الذي شقه بمهجة القلب أولاً، فالعمل في مجال الفن/ التمثيل/ كان في زمنه مرتقاه صعباً، بسبب النظرة الدونية التي عومل بها، وكانت قد جرت مع فناننا الكبير في بداية اشتغاله الفني قصة طريفة ومؤلمة في آن، فعندما وصل إلى بيته في حي ساروجة بدمشق وضع المفتاح في القفل وأداره، لكنه فوجئ بأنه لا يفتح، وانتظر قليلاً قبل أن يعرف أن أباه منعه من دخول البيت بسبب عمله “مشخصاتي” التسمية التي كانت “سبة” حينها، فوالده الضابط في الجيش حينها، شعر أن ولده جلب له العار ولطخ سمعة العائلة، وهذه كانت البداية فقط، لكن هذا وغيره، لم يمنعه من متابعة ما شغفه حباً،  فمن هو عبد اللطيف فتحي الإنسان والفنان؟..

هو عبد اللطيف فتحي قصبلي _ 1916 – 1986 _ ابن حي العمارة الدمشقي، فنان الشعب الضاحك الساخر، صاحب “الأنف الذي لا يخطئ”الفنان المتجدد الذي لن يتكرر، فهو الممثل والمؤلف والمخرج ومدير المسرح وصاحب الفرقة والمونولوجيست، إنه ثاني فنان احترف الفن في سورية بعد العظيم “أبو خليل القباني”، ممثل كوميدي وفنان مسرحي من الدرجة الأولى، اشتهر بشخصية “بدري أبو كلبشة” – مدوخ موسوليني، في مسلسل “صح النوم”، مع الكبار دريد لحام ونهاد قلعي وناجي جبر، وعرف عبد اللطيف فتحي بفصوله الضاحكة التي اقتبسها من الفنان التركي المعروف “أرطُغرل بك”.

في منتصف الأربعينيات كان عبد اللطيف فتحي قد تعلم كيف يؤسس فرقة مسرحية ويديرها، حيث أسس (الفرقة الاستعراضية) التي صار اسمها فيما بعد (فرقة عبد اللطيف فتحي)، واستطاع من خلالها أن يكسر قاعدة أن المسرح لا يمكن أداؤه إلا بـ “اللهجة المصرية”، ليصبح هذا الفنان الكبير صاحب شرف تقديم أول عرض مسرحي باللهجة الشامية، ونشر تقليد إطلاق نداء (يا ساتر) قبيل بدء كل عرض على الخشبات الدمشقية.

وبذلك كان عبد اللطيف فتحي أول من أدخل اللهجة الدمشقية العامية على الأعمال المسرحية عام 1947.

أما شهرته الأوسع فحصدها عبد اللطيف فتحي من خلال شاشة التلفزيون التي كان لها سحرها ووهجها الكبيران مع بدايات التلفزيون السوري.

وكانت له مشاركات تركت بصمات لا تمحى، مثل شخصية بدري أبو كلبشة الشهيرة، إلى جانب مسلسلات حمام الهنا – مقالب غوار – الدولاب.

من أفلامه: العالم سنة 2000/ الخاطئون/ صح النوم/.

من مسرحياته: أزمة عصبية/ بين ساعة وساعة/ صابر أفندي.

من مسلسلاته: حمام الهنا/ صح النوم/ مقالب غوار/ الدولاب.

عبد اللطيف فتحي تاريخ من الجمال الكوميدي والحرفية الفنية والنقاء الإنساني، وهي صفات لا يكتمل لمعان نجم الفنان دونها، فكان أيقونة سورية وعربية، ستبقى خالدة في الوجدان.

 

تمّام بركات