ثقافة وفن

مسرحية “موت موظف” نسخة 2022

السؤال الأول والأكثر إلحاحاً الذي يراودني وأنا أشاهد عرضاً مسرحياً على إحدى خشبات مسارحنا: لماذا النص ليس محلياً؟ في حال كان العرض المسرحي، عن نص أجنبي، كحال مسرحية “موت موظف” التي اشتغل على إعدادها وإخراجها للمسرح، الفنان المسرحي لؤي شانا، للمرة الثانية، بفاصل قرابة الربع قرن، على إعداده وإخراجه نص تشيخوف ذاته، للمسرح القومي في اللاذقية، عام 2003، وهنا يتبادر للذهن السؤال البسيط التالي: ترى ما الذي استجد من مقولات ضروس، اكتشفها شانا في قصة تشيخوف، ولا يمكن أن يحتملها أي عرض آخر، كان يمكن الاشتغال عليه طيلة الربع قرن، إلا الذي قدمه قبل أكثر من عقدين، عن قصة مكتوبة منذ قرابة 150 سنة تقريباً؟ولا ضير من أن ينضم السؤال الحاسم في فن الدراما عموماً، للأسئلة السابقة، ما هو سبب تقديمه الآن؟ ما الذي استجد لذلك؟ المسرح فن راهني، يستمد قيمته الفنية من تفاعله مع الواقع، لأن الجمهور بكل بساطة، كائن تاريخي وجغرافي، يرى نفسه على الخشبة، فمن كان يرى جمهور مسرح الحمرا مؤخراً على الخشبة، نفسه قبل 25 عاماً؟..

وضع شانا فريق المسرحية بمواجهة مع الجمهور، وكأن كل منهما يتفرج على الآخر، دار الأوبرا التي جلس فيها موظف تشيخوف قبل 100 عام، وربما أكثر، جعلها المخرج قاعة سينما، منفلتة من ظروف المكان والزمان، فلا حدث يدل عليهما، السينوغرافيا بمفرداتها، هي تقريباً ذات التي اعتمدها في نسخة 1999، ما ينسف تلقائياً جزءاً من الشرط المسرحي المعروف بالقاعدة الرباعية: (أنا- الآخر- هنا- الآن)؛ “أنا” غير واضحة في العرض؟ وعندما لا تتضح “الأنا”؛ لن تتضح “الآخر”، أما الـ”هنا” فهي أيضاً ملتبسة، يبقى من المعادلة الرباعية الـ”الآن”، الخلل في زمن وقوع الأحداث، أصاب العناصر الأخرى الثلاثة بضعف كبير، ما جعل الحكم عليها نقدياً، يحتاج للحديث في طبيعة المسرح ذاته.

 

إضاءة العرض جاءت وكأنها ضد الجمهور، ربما بقصد إبهاره و”شلشه” ضوئياً! خصوصاً وأنها جاءت كما لو أنها مرتجلة، حسب السياق وتبدلات الأحداث.

الأداء كان هو البطل في “موت موظف” نسخة 2022، قدم باسل حيدر أداء مسرحياً لافتاً، انسجام وتكامل بين الممثلين، أعطى للعرض طاقة أنعشته وأنعشت جمهور مسرح الحمرا في دمشق.

بطاقة العرض

تمثيل: علي القاسم – باسل حيدر – لميس عباس – نجاة محمد – محمد سالم- ماجد عيسى – أحمد العبود – أليسار صقور_باسل كربوج – براء سمكري – خالد القصير _ زين العابدين شعبان _ زينب عيد _ صلاح الطوبجي_ عماد يوسف _ مصطفى خطيب_ مرح إسماعيل _ ملاك خطيب_نور كباريتي، المخرج المساعد: غادة إسماعيل.

يذكر أن “لؤي شانا” ممثل ومخرج مسرحي من مواليد اللاذقية، بعد تخرجه في المعهد العالي للفنون المسرحية كانت له مشاركات متميزة في العديد من المهرجانات الوطنية والدولية، وأسس تجمع القباني للفنون المسرحية، وهو المعهد الأول الخاص للتمثيل في سورية، وحصد العديد من الجوائز، وشارك في الكثير من المهرجانات العربية والدولية، منها ” المهرجان الدولي الثاني لفن الكوميديا (في أصفهان بجمهورية إيران) 2003، حيث حصدت مسرحية “مــوت موظف” خمس جوائز: جائزة أفضل مخرج، جائزة أفضل عرض متكامل، جائزة أفضل ديكور، جائزة أفضل ممثل، جائزة للفرقة.

 

تمّام بركات