ثقافة وفن

“توب غان – مافريك” فيلم غلافه “الأكشن”.. مضمونه الحرب!

 

ما زال فيلم “توب غان/مافريك” يحصد أعلى إيرادات السينما العالمية، منذ بدء عرضه قبل أسابيع، وهو من بطولة توم كروز وجينيفر كونلي ومايلز تيلر، ومن إخراج جوزيف كوزينسكي، والفيلم بنسخته الجديدة، هو استحضار لنسخته الأولى، التي عرضت عام 1986، وحققت أيضاً نجاحاً عالمياً واسعاً، ويعتبرها نقاد السينما من أهم ما قدمه كروز في مسيرته الفنية، عدا عن كونها من أطلقت شهرته الأوسع عالمياً، ولعل أحد أهم أسباب استدعاء شخصية الطيار مافريك/توم كروز،من حقبة الثمانينيات، هو استثمارها في توجيه رسائل عسكرية وسياسية أمريكية، خصوصاً وأن العديد من النقاط الواردة في النسخة الجديدة، مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بمفردات المشهد السياسي والعسكري القائم، ومن تلك النقاط:

المهمة التي يتصدى لها الطيار مافريك، هي تدريبه لمجموعة من الطيارين الأمريكيين، التابعين للأسطول الباسفيكي، أو الأسطول العامل في المحيط الهادي، الذي تفرض فيه الصين وجودها كقوة عسكرية واقتصادية منافسة وبشدة للقوة الأمريكية، لذا فالعداء مع الصين التي يأتي تصنيفها في الفيلم في قائمة “أعداء” أمريكا، هو عداء إستراتيجي/ جيوبولوتيكي طويل المدى.

العدو أو الخصم الذي يتدرب الطيارون الأمريكان على مواجهته، بطائراتهم “أف 35” الحديثة، والأسرع في العالم، هو طائرات “سو 75″، وهذه رسالة عسكرية تشير إلى روسيا، ولن تفوت هوليوود هنا أن تنزع الصفة الإنسانية عن الخصم، فهي تقدم المقاتلات الروسية، دون أي تقديم لطياريها، وهذه في لغة السينما تعني أن من تحاربه أمريكا “نكرة” في حين أن طياريهم حياتهم معجونة باليومي والحار والطازج، لكنهم أصحاب مهمة مقدسة ولن يثنيهم أي ظرف عن القيام بها، أما وضع روسيا في الترتيب الثاني لأعداء أمريكا، فله رسالة مفادها بأن العداء مع الروس، هو عداء تجاري/ رأسمالي، من طائراته وأسلحته أفضل؟ ومن يسيطر على سوق السلاح العالمي؟..

ما هي المهمة التي يقوم مافريك بتدريب الطيارين الأمريكان عليها في الفيلم؟ المهمة هي تدمير مصنع تخصيب يورانيوم، موجود في منطقة محصنة وتقع في منطقة أودية صخرية، تحاكي طبيعة “إيران” التي تجيء في الترتيب الثالث من قائمة أعداء أمريكا، التي تريد من خلال السينما، جعلهم أعداء كل العالم أيضاً، وهنا يتخذ العداء مع إيران طابع عداء عسكري/ تكتيكي.

بالتأكيد لن تفوت الدعاية السينمائية الأمريكية- الحربية، الترويج للبضاعة العسكرية التي تنتجها كبريات شركات السلاح الأمريكية العالمية، وفي “توب غان” هناك إعادة اعتبار لسلاح الطائرات الحربية المقاتلة، بعد أن انتقلت الحروب إلى مستوى تقني مختلف، لا أهمية كبرى فيه للطائرات التي يقودها طيار، بقدر ما تحضر لتلك التي “بدون طيار”..

هذه النقاط وغيرها، هي ما تم صناعة النسخة الجديدة من فيلم “توب غان” بعد قرابة الـ 40 عاماً على صناعة النسخة الأولى، ليتضمن عليها كرسائل عسكرية وسياسية أمريكية للعالم، وفيها ترتيب للأعداء حسب الجدولة الأمريكية لعداوتها معهم، ما يؤكد واحداً من الاتهامات الموجهة ضد “هوليوود” بكونها من المؤسسات التابعة للـ “البنتاغون” والتي من مهامها الترويج لمهامه وخدمة أهدافه!.

 

تمّام بركات