مجتمع

هدية الرفاعي..زهرة بين صخور “رأس المعرة، يبرود”

البعث ميديا – تمّام بركات:

أجمل وأثمن الزهور، تلك التي تنبت بين الصخور، وهذه القيمة الجمالية ليس مصدرها شكل الزهرة النادر فقط، بل أيضا هي مستمدة من قوة الصراع الذي خاضته في بيئة معادية، قاسية، لتكون موجودة.
واحدة من تلك الزهور، النابتة كزهرة بين الصخور، “هدبة الرفاعي” معلمة صف وباحثة تربوية، وهي من قرية ” يبرود، راس المعرة” قرية حدودية مع لبنان، عدا عن ظروفها المناخية القاسية، وصعوبة الحياة لجهة توفر مستلزماتها، المفقودة في المدن، فما بالنا بالقرى، هي أيضا تعاني ككل القرى الحدودية في العالم، من القلق الأمني، الذي يشوب أجوائها، وبين تلك الصخور أينعت فكرة هدية، كما يلمع الصبح في خاطر وردة ندية، متجهة نحو النافذة الأهم اليوم في العالم، شبكة النت ووسائل التواصل الاجتماعي، ومن هناك اطلقت مبادرة “أطفال ومواهب” وهي مبادرة تربوية، تعليمية، إبداعية، فنية، تذهب نحو مخاطبة وجدان الطفل صاحب الموهبة، تصفق له لكنها أيضا تناقشه في خياره، تعرض لموهبته على مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، ما أعطى للمبادرة زخما كبيرا، على الصعيد الاجتماعي، فلقد تفاعل الأطفال من مختلف محافظات البلاد، مع المبادرة، وقدموا ما يفرح القلب، من مواهب وأفكار خلاقة، جعلتهم أيضا من سرب زهور الصخور النبيلة.
المبادرة لقيت إقبالا وتفاعلا كبيرا، ما جعلها تتصدر قائمة المواضيع الأكثر تفاعلا على الفيس بوك، وهذا ليس بالعمل السهل أبدا، على الشق المادي والمعنوي، لأن هذا عمل يقوم به فريق، قسم منه يشتغل على متابعة المواهب، والتعرف على أصحابها، وقسم يشتغل على الجانب التقني الإعلامي، للترويج لها، وللحديث أكثر عن هدية الرفاعي ومبادرتها التي يمكن اعتبارها تجربة اجتماعية أيضا، التقيناها وكان هذا الحوار:
عن المبادرة، متى بدأت؟ ما الهدف منها؟ عن التنفيذ والمراحل التي قطعتها أخبرتنا الأستاذة هدية الرفاعي:
بدأت فكرة المبادرة منذ أكثر من سنتين تحت شعار “الأفكار الخلاقة هدفنا والوصول إلى قمة التميز غايتنا”
هدف المبادرة: تشجيع مواهب الأطفال وتحفيزهم على الإبداع والابتكار. وقد بدأ الطرح التمهيدي لهذه المبادرة من خلال تواصل عدد من الأهالي معي، للاستفسار عن كيفية العمل، لرفع مستوى التطور الدراسي لدى أبنائهم، باعتباري معالجة لصعوبات التعلم والنطق، ومختصة بالصف الأول.

البدايات

طبعا أعلنت عن المبادرة على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، بعد اكتشاف مواهب وإمكانيات وطاقات كبيرة لدى الأطفال، الأمر الذي شجع الكثير من الأهالي، ومن محافظات مختلفة، لانتساب أبنائهم لقاعتي الالكترونية، وقد شملت القاعة مختلف المواهب، من إلقاء وكتابة شعر وتأليف القصص، والرسم والعزف والأعمال الفنية اليدوية، حيث أقوم بإعطاء فكرة جديدة لكل طفل، ويقوم الطفل بتحويل الفكرة إلى تطبيق عملي ويجسد الأفكار في أعماله.

فعل وتفاعل

تتابع هدية الحديث: أبدى الكثير من الأطفال اهتماما كبيرا بالأعمال الفنية اليدوية، وتم تنفيذ أعمال فنية متميزة، ورائدة على مستوى القطر بالتميز والإبداع، ومحافظة حمص الحبيبة، كان لها الدور الأكبر في تميز أبنائها، واهتمام أولياء الأمور ومساعدتهم في هذه المبادرة، من حيث تهيئة الجو المناسب والمريح لأبنائهم، وتهيئة الأدوات المناسبة للعمل، وقد بادر الأطفال لإنجاز أفضل الأعمال، دافعهم حبهم لي، وحرصهم على الوصول إلى التميز بفضل تشجيعي واهتمامي والثناء عليهم وتكريمهم

معلمة الإبداع ونجوم المبادرة
وعن المواهب التي كانت الأكثر إبداعا، قالت هدية:
كثر هم الأطفال الذين ابدعوا بما قدموا، وكل موهبة هي حالة قائمة بذاتها، لها مزاجها الخاص وتكوينها الخاص أيضا في خيال الطفل، ومن بين هؤلاء الأطفال : المبدع عبدو جرجس خليل ، المبدعة فرح وسوف ، المبدع روجيه خليل ، يزن وقاص ، والمبدعة ورد خالد عليا من اللاذقية وغيرهم الكثير، وقد وصل العمل بهذه المبادرة ضمن نطاق واسع وعلى مراحل متتالية بدءا من تشجيع لأي موهبة وصولا إلى الإبداع والابتكار، وحاليا أطلق عليها مبادرة التميز والإبداع ( أطفال ومواهب ) وقد شجعني على الاستمرار بها وتوسيع نطاق العمل بها، وزير التربية من خلال تكريمه لي وللطفل المبدع عبدو جرجس خليل، بالإضافة إلى اهتمام عدد كبير من المسؤولين حيث أطلقوا علي لقب “معلمة الإبداع”.

عبدو جرجس خليل

تستفيض هدية في حديثها بشجون، عن الطفل “عبدو جرجس خليل” تقول: كنت أشاهد مواهبه خلال الفترة الأولى، في العزف والغناء وكتابة القصص وقد كانت متميزة، أما بالنسبة للأعمال الفنية فقد لفت انتباهي إلى مقدرته العجيبة في صنع هذه الأعمال، بل التميز بها بشكل أكثر من رائع، كنت أعرض عليه فكرة العمل والطريقة المناسبة للعمل، وهو يقوم بتحويل هذه الفكرة إلى مهارة وصنع مجسمات وأعمال بجهود كبيرة، وفي وقت زمني قصير، وهذه الأعمال ذات مواضيع متعددة ومختلفة، منها ما يتعلق بالوطن، ومنها بالبيئة والمحافظة عليها، ومنها ما يستنهض القيم السامية، من موضوعة بالشهيد، وهناك المواضيع التي تندمج في إطار اجتماعي .

مواهب عبدو

أنجز عبدو خليل أعمال غاية في الروعة، وبدقة عالية وإتقان كبير تتعلق بالوطن والغابات والمحافظة عليها والبيئة والأشجار والاهتمام بها وصنع حاسوب وطائرة حربية بالإضافة إلى مشروع السلامة المرورية وملعب آمن للأطفال ومشروع نظافتي الشخصية، وسيلتي للحماية من المرض، تخبرنا هدية وتتابع: بالإضافة إلى موهبته في إنجاز رسومات متميزة، نالت رضا وإعجاب الكثيرين على صفحات التواصل الاجتماعي، وقد أدى التزام هذا الطفل ضمن مبادرتي بشكل دائم، إلى الوصول به إلى الإبداع ،وتشجيع والدته راميا واهتمامها بكل ما يطلب منه بشكل لا يتعارض مع واجباته المدرسية، باعتباره طفل متفوق.
كان للمبادرة التي أطلقتها معلمة الصف هدية الرفاعي، صدى كبيرا على صفحات التواصل الاجتماعي، ولاقت ترحيبا رسميا واجتماعيا، وهي تعمل على توسيع هذه المبادرة، بشكل يليق بإمكانيات الأطفال، ويشجعهم على إظهار مواهبهم للمجتمع، وتقديم كافة أنواع الدعم، لإيمانها بأن كل طفل لديه إمكانات تؤهله للتميز، إذا ساعدته في ذلك، أما عن هدفها وطمعها الكبير من المبادرة، فتقول هدية:
زرع الابتسامة على وجه كل طفل مبدع، خصوصا في هذا الزمن الصعب.