سلايدمساحة حرة

الرحلة الغير لازمة

بحسب بعض المصادر فإن متوسط تكلفة الهجرة غير الشرعية، قد يبلغ مابين 8 إلى 15 ألف دولار أمريكي، للفرد الواحد، أي أنها تقدر بأسعار السوق الموازية (السوداء) اليوم حوالي /70.000.000/ ل.س سبعون مليون ليرة سورية، أي أن مالك هذه الأموال سيحصل على ما يقارب /500.000/ خمس مئة ألف ليرة سورية شهرياً لو أودع هذه الأموال في أحد المصارف العامة التي من الممكن أن تمنحه معدل فائدة سنوي /9%/.
وبحسب بعض المحللين الاقتصاديين والخبراء ممن جرى بيننا وبينهم أحاديث حول إمكانية البدء بمشاريع متوسطة أو صغيرة، فهم مجمعون على أن هذه المبالغ -التي ذكرناها- قادرة على أن تنهض بمشروع متوسط أو صغير سيؤمن الحد الأدنى المطلوب لتأمين متطلبات العيش الكريم أو ربما أكثر لصاحب المشروع.
وهنا لا بد من النظر إلى الطبقات الفقيرة التي لا تملك الـ /15/ ألف دولار للهرب، فهم لا يفكرون بالمخاطرة التي ربما تودي بحياتهم وحياة عائلاتهم، لعدم القدرة بل وعدم الرغبة، في مغادرة البلاد، وهنا لا نتهم أحد ولا نبرئ وإنما نناقش بشكل موضوعي الحالة التي تثير الجدل على مدار الأعوام الماضية، فهؤلاء سيبقون الحامل الحقيقي للنهوض بسورية.
في المقابل، بتنا نرى في الأيام الأخيرة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عروضاً مغرية لبيع عفش المنزل كاملاً من الإبرة حتى غرفة النوم، مروراً بالأدوات الكهربائية، ومعدات المطبخ، وهي جديدة في معظم الأحيان ومن نوعيات لا بأس بها، أي أن البائع ميسور الحال كي يحصل عليها ويؤثث منزله بذلك الأثاث.
وفيما نفند ونتحدث عن كل هذا، لا يزال المشهد المأساوي لانقلاب القارب غير الشرعي، قبالة سواحل سورية، والذي يحمل على متنه أشخاص من جنسيات متعددة ومنهم سوريين، لا بد من الاستيقاظ والتنبه، حيال ما ينتظر الكثير من الذين لا تزال فكرة الهجرة، وهوس “تأمين المستقبل” مسيطراً عليهم، بأن يفكروا في الأمر جيداً، فذاك الغرب الذي يحلمون في الوصول إلى ارضه هو من سلبهم أرزاقهم، حين دعم الإرهاب وسهل له ليضرب سورية باسم الحرية، وهو من يدعم الحصار الاقتصادي الذي يستهدف الشعب السوري في لقمة عيشه، ويؤيد احتلال الأراضي السورية الغنية بالنفط والثروات، وهو من أوصلهم إلى الحد الذي لم يعد معه بعضهم قادراً على الاحتمال فاختار البحر رغم ما في الأمر من خطر عله يحصل على صفة “لاجئ”.
من جهة أخرى يمكن النظر لهذا الحادث وما سبقه وما يمكن أن يلحق به، بأنه مسؤولية الأشخاص الغير مخلصين واللصوص الفاسدين والمخالفين للقانون، الذين يقتاتون على ألم الشعب والدولة في الداخل، والذين نسمع عن سقوط كثير منهم بين الحين الآخر، بيد العدالة، على أنهم مسؤولون عن جزء كبير من معاناة السوريين وأنهم لا يختلفون كثيراً عن صنوف الإرهابيين فكلاهما يمعن في تدمير سورية.
ولا يسعنا في حضرة مأساة رحلات الموت، إلا أن نطلب الرحمة لمن فقدنا من أبناء بلدنا ومن أبناء الإنسانية في منطقتنا التي قُدر لها أن تبقى محط أنظار الغرب، الذي يسلبنا من قرون خيراتنا وأرواح أبنائنا!
بلال ديب