ثقافة وفن

“سبعون عاماً من الحداثة”.. عنواناً لأيام الفن التشكيلي السوري

“ليس تجريدياً ولا سريالياً ولا تعبيرياً، إنما هو شاهد على جمال الأرض والإنسان، كما هو شاهد على أحزان عصره”، أعوام كثيرة مرت على مقولته الشهيرة هذه، التي يعلن فيها الفنان المعلم فاتح المدرس أنه خارج إطار اللوحة النمطية التي تنتمي لهذه المدرسة  التشكيلية أو تلك، فتمرد على التقليدية ليثبت أن الفنان ابن بيئته وطبيعة أناسها الذين يستمد منهم إبداعه، يتأثر ويؤثر بهم.

للوهلة الأولى قد يبدو الإلمام بأطراف مجد التجربة الإبداعيّة للفنان التشكيلي والقاص والشاعر المعلم فاتح المدرس عملية شاقة خاصة أنه رسم عالمه الإبداعي والإنساني بحروف ملونة بالعبقرية والتفرد، إلا أن حفل افتتاح أيام الفن التشكيلي السوري لملم من رموز إبداعه الفني نوتات موسيقية ونثرها على مسرح الأوبرا بدمشق.

هكذا احتفت أيام الفن التشكيلي السوري بمضي مئوية على ولادة الفنان فاتح المدرس 1922_ 2022 الذي تزامن مع مرور سبعين عاماً من فوز لوحة الفنان التشكيلي فاتح المدرس “كفر جنة” بالجائزة الأولى في المعرض السنوي الثالث عام 1952 ومن هنا استوحت فعاليات الموسم الخامس عنوانها “سبعون عاماً من الحداثة”

وتضمن الحفل تكريم ثلاثة فنانين كبار، وهم النحات القدير عبد السلام قطرميز، ومجدي الكزبري، وطلال العبد الله، وتكريم ذكرى ثلاثة فنانين من الراحلين هم الفريد حتمل ،عز الدين همت، وعبد الكريم فرج عميد كلية الفنون الجميلة سابقاً.

وفي كلمة لها خلال حفل الافتتاح، أوضحت وزيرة الثقافة د.لبانة مشوح أن احتفال هذا العام بمرور سبعين عاماً على فوز لوحة “كفر جنة” للفنان الراحل فاتح المدرس بالجائزة الأولى للتصوير بدمشق، فكان ذلك تاريخاً رسمياً لانطلاق عصر الحداثة وتحرير الوعي الثقافي في الفن التشكيلي السوري وانطلاقه إلى آفاق أرحب وأغنى تثور بأسلوبها وتقنياتها وأدواتها على المألوف وتحرر الأذهان من المفاهيم والقوالب الفنية التقليدية لكنها حافظت على هالة الأصالة بتجدد إبداعي.

ولفتت إلى أنه كي يظل الإبداع شيئاً مزهراً في ربيع دائم وتزداد تجربة الشباب نضجاً وعمقاً ارتأت اللجنة التحضيرية لأيام الفن التشكيلي السوري أن تعود إلى بدء عهده بالمعرض السنوي الذي يقام هذا العام في قاعة العرش في قلعة دمشق ويجمع المتميزين من التشكيليين السوريين على اختلاف أعمارهم فلا تميز بين ربيع الفن التشكيلي وخريفه بل دمج الأساليب وتكامل الرؤى في معرض واحد يحتضن كل متميز ويختزل المشهد التشكيلي بما له وما عليه، وأكدت أن هذا العام كان للشباب الحصة الأكبر من خلال مسابقتي البورتريه في قلعة دمشق والبوستر في مكتبة الأسد الوطنية.

وأضفى المايسترو عدنان فتح الله، برفقة الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية، على انطلاق الحفل من مسرح الأوبرا، رونقاً عذباً بتقديم عرض سمعي بصري مترافق مع مقطوعة موسيقية حملت توقيعه في التأليف كتحية لذكرى المعلم فاتح المدرس، واختتمتها على مدى نصف ساعة من الوقت بباقة موسيقية غنائية قُدم خلالها عدد من الموشحات والأغاني التراثية والعربية.

وشرعت الاحتفالية مراسمها من بهو قاعة الدراما بالدار التي احتضنت معرضاً لثلاثة أعمال لكل فنان من الفنانين الراحلين المكرمة ذكراهم وهم ألفرد حتمل 1934 _ 1993 وعز الدين همت 1938_ 2016 وعبد الكريم فرج 1943_ 2021 الذين اجتمعوا مع أعمال الفنانين المكرمين في الاحتفالية.

أما بهو قاعة الأوبرا فأشرق بمعرض لثمانية أعمال للفنان فاتح مدرس من مقتنيات وزارة الثقافة تعود لعدة فترات من رحلته الإبداعية  وهي لوحة “كفر جنة” من عام 1952 و “لوحة المسيح يعود إلى الناصرة” عام 1980 و “لوحة الدراويش” عام 1993، أما “لوحة إلى صيدا” فتعود لعام 1985، و”لوحة الملاك” عام 1983 و “لوحة بدوية من الجزيرة” عام 1997، و”لوحة شهود السيد المسيح” عام 1989، و”لوحة حلب” عام 1981.

وتتضمن الاحتفالية التي تطلقها وزارة الثقافة إقامة العديد من المعارض في صالات العرض العامة والخاصة والمراكز الثقافية وندوات أكاديمية ومسابقات احترافية منها معرض الخريف السنوي في قلعة دمشق، ومعرض الحداثة في صالة الشعب، ومسابقة البورتريه من وحي أعمال فاتح المدرس في قلعة دمشق، ومسابقة تصميم البوستر في مكتبة الأسد الوطنية، كذلك ستشارك المراكز الثقافية في دمشق والمحافظات بفعاليات موازية، إلى جانب 10 صالات عرض خاصة في دمشق، وواحدة في حلب، والتي ستقدم معارض خاصة بالمناسبة مع إقامة ندوتين عن الفن التشكيلي السوري في كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق.

 

أماني فروج