القاصة فاتن بركات: يؤلمني جرح سورية لكنني متفائلة جدا بأن القادم أجمل
كم نحن بحاجة لحوار حقيقي وفعال على أرض الواقع بين الإدارة الثقافية عموماً ومبدعينا المهمومين بواقعهم للوصول إلى دعم حقيقي للثقافة السورية خاصة في ظل الظروف العصيبة التي تعصف ببلدنا الغالي… بهذه الكلمات تعبر مديرة المركز الثقافي في بلدة بشنين بمصياف فاتن بركات عن آمالها بأن يزيد الاهتمام بالثقافة وتنميتها بشكل دائم فهي الحصن الحقيقي لسورية والضامن الأكيد لاستمرار حضارتها وتراثها العريقين.
تقول بركات في توصيفها لأهمية الإدارة الثقافية في دعم الثقافة السورية.. لا أدعي أنني وعلى مدار سنوات طويلة في العمل الثقافي استطعت الوصول إلى خلطة واضحة للإدارة الثقافية من ناحية معاييرها.. الضابط لها.. آلية التعامل معها.. فهي لا تشبه باقي المؤسسات والدوائر الحكومية فالإدارة الثقافية في كل مركز هي ابنة بيئتها.. ومن خلال تجوالي في عدد لا بأس به من المراكز الثقافية وجدت أن إدارتها قد تكون هي المعطل للدعم الثقافي فيها وفي مراكز أخرى تكون نشطة مشعة ومع ذلك تتعرض للضغط والانتقاد الذي يفتقر للموضوعية لكن في أغلب الأحيان شعرت بأنها حالة مؤسساتية فوضوية مهمتها منع انتشار الثقافة وحتى لا يكون المشهد الثقافي كئيبا شعرت أيضاً أن هناك محاولات وجهوداً للنهوض بالعملية الثقافية لتكون الرئة التي يتنفس منها مبدعونا.
وعن أهم الخطوات التي قامت بها لتفعيل النشاط في المركز الثقافي العربي في بشنين تجيب بركات.. العمل في مركز ثقافي وتحديدا في الريف يحتاج الى الكثير من الجهد والصبر والشغل بصمت وذلك للفت انتباه الأهالي واستقطابهم فمثلاً قمت بإقامة دورات حاسوب مجانية لأطفال القرية وعلى جهاز حاسوب واحد علما أن المركز ضيق ويكاد لا يتسع ومع ذلك كانت النتيجة جيدة.. أيضا شكلت فرقة مسرحية للأطفال قدمت عروضها في الهواء الطلق داخل القرية وخارجها وكان عملا تطوعيا كذلك كان هناك محاضرات في الطبيعة كليلة رصد فلكي جلبت حضورا مميزا ومن ثلاث محافظات.
تكمل بركات.. أما المعارض الفنية وخاصة الأعمال الملتزمةبقضايانا كان لها تأثير بالغ على شريحة لا بأس بها من الطلاب والمهتمين إلى جانب الأمسيات الموسيقية والأدبية التي كان لها نصيب من المتابعة والاهتمام.
تقول بركات.. ما كان المركز الثقافي في بشنين سيضخ الثقافة والحياة لكل من يريدها لولا مشاركة بعض الفعاليات مثل المركز الإقليمي لرعاية الطفولة المبكرة بدمشق وأخوية سيدات تين السبيل وشباب وصبايا قرية الدليبة وبعض القرى المجاورة إضافة للعمل مع المدارس التي تم التنسيق معها من أجل أنشطة طفلية هادفة.
وتضيف.. العمل الثقافي ليس محصورا ضمن جدران المركز الثقافي أو ضمن المسرح فالذاكرة ما زالت تحتفظ بالفنانين الجوالين ووحدات الثقافة المتنقلة التي كانت تضم شاشة عرض سينمائي وكانت تعير الكتب لكافة شرائح المجتمع كما انها كانت تقدم الأغاني الفلكلورية وباعتبار المركز يتوسط عدة قرى لا يوجد فيها مركز ثقافي نشأت لدي الفكرة لاقامة انشطة ثقافية بالتعاون مع الفعاليات الموجودة فيها الدينية منها والحزبية والطبية الى ما هنالك ونتج عن ذلك ورشات عمل تشاركية تفاعلية استطاعت جذب الجمهور وإقناعه بمدى اهمية هكذا ملتقيات.
وعند سؤالها عن ضرورة الاهتمام بثقافة الجيل الجديد كأهم وسيلة من وسائل التنمية الثقافية توضح بقولها.. ما يثلج الصدر هو وجود شريحة من الشباب الواعي انتجته المرحلة التي تمر بها المنطقة وأراد ان يكون له موقف واضح في خضم ما تمر به بلده فكان ميدان الثقافة مفتوحاً أمامه للتعبير عن همومه وهواجسه ومن خلال التواصل شبه اليومي مع الطلاب استطعت التعرف على هواياتهم والنتيجة كانت مجموعة قصصية جمعت في كتيب صغير مع لوحة خاصة بكل قصة من ابداع كتاب هذه المجموعة.
أما عن أهمية المراكز الثقافية باعتبارها نقاط التقاء بين أبناء المجتمع أوضحت ابنة بشنين أنها تأمل بأن تصبح المراكز الثقافية بيوتا ثقافية فالبيت يضم شمل الأسرة على اختلاف توجهاتها وكلما كان البيت مجهزا محصنا زادت لحمة من بداخله.
تختم بركات.. حالي كحال كل مواطن سوري أعشق اسم بلدي وأعشق العمل الثقافي الذي أقوم به.. يؤلمني جرح سورية لكنني متفائلة جدا بأن القادم أجمل وبلسم جراحاتنا هو محبتنا وصبرنا وعملنا الصادق.
يذكر أن القاصة بركات خريجة قسم المكتبات والمعلومات وهي مديرة المركز الثقافي العربي في بشنين منذ سنوات تكتب القصة القصيرة والقصيرة جدا وهي ناشطة في مجال ثقافة الطفل وتكتب القصص القصيرة للأطفال.
البعث ميديا – سانا