محليات

السيناريو الحكومي المفترض لشركة تصدير بشخصية “رجل أعمال ناجح”؟!

بدأت ثمار الحراك الحكومي المتعلق بانتشال ملف التصدير من قعر البئر تلوح على خلفية ماراثونية الاجتماعات والنقاشات حامية الوطيس بين القطب الحكومي والفعاليات الإنتاجية والتجارية والوسيطة، على قاعدة ألا تصدير من دون تصنيع وتذليل للمعوقات التي تقف بوجه التصدير انطلاقاً من مبدأ الشراكة بين جميع القطاعات التي ترتبط عملها بالتصدير، وهذا ما كان محور توجيهات رئيس الحكومة نحو تذليل معوقات التصدير وتطوير عمل المرافئ والمصارف والتحفيز والدعم الحكومي لعملية التصدير من خلال استقدام البواخر والعبارات المبردة وإقامة شركة تعبئة وتغليف في الساحل السوري.
ومع أهمية إحداث شركة تصديرية نوعية قادرة على صناعة السياسات التصديرية وتنفيذ البرامج التسويقية والدخول إلى الأسواق غير التقليدية والمحافظة على الأخرى التقليدية سارعت وزارة التنمية الإدارية عبر وزيرها الدكتور حسان النوري لإيداع مسودة للشركة المفترضة، بحيث تكون مشتركة يشكل القطاع الخاص إطارها الأساسي مع إشراف مباشر عليها من قبل الدولة من خلال وزارة الاقتصاد وذراعها التنفيذي هيئة دعم وتنمية الإنتاج المحلي والصادرات.
وإذا كانت رؤية الشركة حسب جواب النوري على كتاب خميس رقم 12866/1 تاريخ 5/6/2016 أن تكون رائدة في مجال تطوير وتنمية أعمال التصدير على مستوى العالم من خلال الابتكار والتطوير المستمر، فإن الرسالة تستهدف تنويع وتعزيز نمو الاقتصاد المحلي من خلال منح وتوفير خدمات تصديرية رائدة لكافة الجهات وهذا يتطلب من الشركة العمل على توفير المعلومات التجارية والاستشارات والبيانات والمعلومات القانونية والمالية وكل ما يتعلق بشؤون التجارة الخارجية والتعريف بالمشترين المحتملين وتبسيط إجراءات تصدير وتوفير الدعم المستمر لضمان نجاح الأعمال في تحقيق الأرباح والأهداف.
ويركز الوزير “الأكاديمي” على أنه لضمان نجاح عمل الشركة وتحقيق الغاية المرجوة من إحداثها لابد أن تقوم الشركة بالتعاون مع الجهات الحكومية والاتحادات والغرف بتوعية المصدرين والراغبين بالتصدير عبر تقديم مجموعة من الدورات والندوات وورش العمل مع المختصين بالتعاون مع الجهات الحكومية المعنية وترويج المنتجات والصناعات المحلية عبر تفعيل دور الشركاء في إشراك المصدرين بالمعارض الخارجية المخصصة والوفود التجارية المتوجهة إلى الأسواق العالمية بهدف فتح الأسواق وبناء حلقة وصل بين المصدرين و المشترين الدوليين ومن ثم المساهمة بالوصول إلى قواعد البيانات العالمية المتخصصة وتذليل المعوقات.
النوري يقول “صراحة” بأنه لا يمكننا النجاح في عملية التصدير ما لم يتم النظر لشركة التصدير على أنها رجل أعمال ناجح يلم بمعظم خبرات ومهارات التسويق الدولي ما يساعدها على النفاذ للأسواق الخارجية المستهدفة بنجاح.
وكي تكون مراحل تطور نشاط الشركة ديناميكياً يجب التركيز في اختيار إحدى الدول لبدء عملية التصدير إليها والوصول بالشركة إلى مستوى الخبرة بالتصدير لهذه الدولة والتعرف على جدوى التصدير لدول أخرى، علماً أن الشركة تحتاج للكثير من المعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات التسويق الخارجي ويحتاج المصدر أو المستورد إلى معرفة المصادر التي يمكن أن يلجأ إليها لتمده بالمعلومات عن السوق.
وتتضمن أفكار وزير التنمية الإدارية ذات الطابع “الاستئناسي” ضرورة وجود المورد البشري المؤهل العامل في الشركة بالإلمام بخبرات التفاوض التجاري وانعكاس التباعد الجغرافي بين الدول والقدرة على التكيف مع تعقيدات إبرام الصفقات الدولية والإلمام بعناصر المزيج التسويقي في السوق الدولي وطبيعة المنافسة الدولية ومتابعة أهم الأحداث والتطورات الدولية وتأثيرها على تمويل وتسويق وضمان صادراته في الأسواق الخارجية>
أما أحد أكبر التحديات التي تواجه المصدّر ( الشركة) هو اختيار السوق المناسب لتصدير البضاعة أو الخدمة كأحد أهم القرارات التي يجب أن يتخذها المصدّر( الشركة ) لأن السوق المناسب يؤدي إلى النجاح الفوري ولا يمكن ترك هذه المرحلة ببساطة للمزاجيات الشخصية والتكهنات، رغم أن عملية اختيار السوق المناسب تتطلب من المصدّر أن يمر بثلاث خطوات أساسية وهي جمع البيانات حول أسواق التصدير المحتملة وإجراء المقارنات الضرورية بين الأسواق المختلفة كما أن المصدّر لا يستطيع الدخول لجميع الأسواق دفعة واحدة وإنما عليه ترتيب الأولويات بناء على مصادره وإمكانات السوق المستهدف.
ولا يخف الوزير تساؤلاته الشفافة ومفادها هل يشجع الأسلوب الحكومي على إجراء الأعمال؟ و إلى أي درجة تتدخل الحكومة في تعاملات الأعمال الخاصة ؟ وما هو موقف الحكومة من الاستيراد؟ وهل النظام السياسي مستقر؟ وما موقف الحكومة من إزالة الحصص والتعريفات وغيرها من عوائق التجارة ؟ وهل البلد ملتزم برعاية مستويات عالية من الواردات والصادرات؟ وإلى مزيد من الاستفسارات ثمة إشارات وعلامات استغراب تتعلق بمقدار التشابه بين السوق المستهدف والسوق محلي.؟.
وفي النهاية ترى مسودة النوري بأن نجاح سياسة تشجيع الصادرات يقتضي رفع الكفاءة الاقتصادية والتسويقية بخلق مزيد من مناخ التنافس بين المؤسسات الاقتصادية داخل البلد على اعتبار أن السوق المحلي الآن أصبح سوقاً منفتحاً على العالم وإقامة تحالفات بين المؤسسات سيما لما تمتلكه سورية من مقومات ميّزة نسبياً في قطاعات هامة كالزراعة والصناعة والساحة ما يجعل أمر تنمية الصادرات الوطنية ممكناً جداً بتضافر جهود الجميع ضمن إستراتيجية وطنية لبناء اقتصاد متطور وتشجيع اتحادات غرف التجارة والصناعة للمساهمة في تأسيس شركات التصدير المقترحة.
البعث ميديا- دمشق: علي بلال قاسم