محليات

أسعار أسواق اللاذقية تحكمها مزاجية سوق الهال

على وقع تذمر أهالي محافظة اللاذقية من ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفاوتها بين محل وآخر وبين منطقة وأخرى, وخاصة الخضار والفواكة التي تشكل حاجات أساسية ويومية لكل بيت, تتوجه أصابع الاتهام إلى سوق الهال بوصفه بوابة عبور المحاصيل الزراعية إلى السوق المحلية بالسعر الذي يحدده تجار السوق بناء على التداولات المالية اليومية بين المزارع وتاجر الجملة من جهة، وبين التاجر وبائع المفرق من جهة أخرى.

وسط أجواء زحمة الناس وقلة التنظيم والفوضى التي تبدأ بتكويم صناديق المنتجات الزراعية هنا وهناك وانتهاء برسم نشرة هرمية للأسعار بناء على العرض والطلب الذي يحدده تجار السوق, تدار رؤوس أموال ضخمة نتيجة عمليات البيع والشراء التي تتم من دون ضوابط ومن دون ماهية محددة، فالدفع إما نقداً أو بالدين أو بطريقة تسليف المزارعين، فيما يتحدد السعر داخل السوق بناء على تحكم التجار بالسلع من دون التقيد بالسعر التمويني إلّا على الفواتير الورقية.

عرض وطلب

أبو أيهم احد تجار سوق الهال قال لـ”البعث ميديا “: اعتمادنا في البيع والشراء على العرض والطلب الذي يعد أساس تحديد سعر كل منتج زراعي, فالمحصول يبدأ بالوصول إلى السوق منذ الساعة الثالثة صباحاً، ويتم تسعير المنتجات الزراعية بدءاً من الرابعة صباحاً، إذ يضع المزارع منتجاته الزراعية لدينا لنبيعها, ونحن بدورنا نتابع مع الزبون تحصيل الأموال وطريقة الدفع, ويضيف: قد يكون الدفع نقداً أو بالتقسيط, فعندما يشتري منّا الزبون أكثر من مرة نقداً تتولد بيننا وبينه معرفة ضمن السوق ثم يصبح زبوناً يومياً ويبدأ بأخذ كميات كبيرة بالتقسيط وذلك نتيجة ثقة منحها له تجار السوق من خلال التعاملات اليومية فيما بينهم.

وعن كيفية تعامل التجار مع المزارعين وعن عملية بيع المحصول قال المزارع نزار إبراهيم: نضع محصولنا عند أحد تجار الجملة الموثوقين في السوق والذي يتمتع بسمعة جيدة باعتباره سيسعى لبيع المحصول بأفضل الأسعار, مشيراً في الوقت ذاته إلى وجود تجار ضعاف نفوس يقومون بالتلاعب على المزارعين بطريقة ما أو بأخرى مما يدفع المزارعين إلى ملازمة هذه المنتجات وانتقاء الزبون الذي يدفع المال بشكل مباشر وعن طريق التاجر .‏

أبو أسعد يؤكد على ما جاء على لسان أبو إبراهيم, بقوله: نلازم محاصيلنا حتى لو اضطررنا لقضاء يوم كامل في السوق بسبب وجود تجار يتلاعبون بطريقة ما أو بأخرى من حيث السعر والوزن ونوعية البضاعة, مستطرداً: صحيح أن هناك تعب كبير علينا لكننا نضمن بذلك التعامل بشكل مباشر مع الزبون الذي يدفع لنا المال نقداً أو عن طريق التاجر الذي يأخذ عمولته فقط.

آلية بيع غير واضحة

يبدو أن الآلية المتبعة في السـوق وكيفية تحديد الأسعار لا ترضي معظم زبائن السوق. إذ يقول أحمد صالح زبون يتردد بشكل دائم إلى سوق الهال لشراء حاجاته لـ” البعث ميديا”: لا توجد آلية واضحة وصادقة متبعة في سوق الهال فضلاً عن الأنانية الموجودة لدى بعض تجار السوق, موضحا انه عندما يتم الاتفاق على شراء منتجات معينة تكون مطلوبة بشكل كبير وسريعة البيع نجده يتهرب لتحقيق مصالح مادية أعلى أو خاصة.‏

بدوره, يتساءل جمال عبد الله: إلى متى سيبقى جشع التجار هو من يحدد سعر المنتجات الزراعية؟ وأين دور الرقابة التموينية؟, فالمشكلة أن العرض والطلب الذي يتم تحديده داخل السوق يحدد الأسعار في جميع محلات المحافظة ما يستوجب ضبط الأسعار داخل السوق.

أسعار على مراحل

أحمد نجم مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في اللاذقية قال لـ” البعث ميديا”: اختلاف الأسعار في سوق الهال يعود إلى العرض والطلب على المادة وتوفرها في السوق, مبيناً أن عمليات البيع في سوق الهال تجري عبر ثلاث مراحل, المرحلة الأولى تبدأ عند فتح السوق في الساعة الثالثة صباحا حيث تكون أسعار المواد مرتفعة بسبب قلة المواد المتوفرة, فيما تبدأ المرحلة الثانية عند الساعة السابعة صباحا لتنخفض الأسعار قليلاً وتصبح بمعدل المتوسطة بسبب ورود المواد تباعاً إلى السوق, أما المرحلة الثالثة فتبدأ في الساعة العاشرة صباحا حيث تنخفض الأسعار بشكل ملحوظ بعد أن يضطر التجار إلى المضاربة بالتخفيض لكي لا تتكدس المواد لديهم لليوم الثاني.

وعلى وقع تدرّج الأسعار في سوق الهال تغلب سمة الفروقات السعرية على عمليات البيع في المحال التجارية, إذ يؤكد نجم أن باعة نصف الجملة وأصحاب المحال لا يشترون بضاعتهم بنفس الوقت من سوق الهال, لافتاً إلى أن صنف المادة وجودتها يلعب دورا كبيرا في تحديد سعرها فهناك انواع من الخضار والفواكة تصنف نخب أول ونخب ثاني بالإضافة إلى وجود أصناف عادية منها, وما ينطبق على أسعار الخضار والفواكة يعمم على جميع المواد الغذائية.

وأكد نجم ان دوريات التموين تتواجد يومياً في سوق الهال وفي أوقات مختلفة لرصد السعر الوسطي للخضار والفواكة, وتحديده ضمن النشرة الرسمية الصادرة عن التجارة الداخلية في المحافظة, لافتاً إلى أن السعر الوسطي يحدده العرض والطلب داخل سوق الهال و يتفاوت حسب الكميات الواردة, فقلة العرض والطلب ترفع سعر المنتج فيما كثرته تؤدي بطبيعة الحال إلى انخفاضه.

كما أشار إلى تشديد الرقابة التموينية على سوق الهال من حيث تدقيق فواتير المواد الواردة إلى السوق والفواتير الصادرة عن التجار، إضافة إلى رقابة سجلات المحلات, فضلا عن إعداد نشرة أسعار مرتين أسبوعياً بحيث يتم سبر الأسعار بالجملة، واستناداً لهذه الأسعار يتم تحديد السعر للمستهلك وتصدر بموجبه نشرة صادرة عن دوائر الأسعار بعد إضافة نسب الأرباح المقررة.

البعث ميديا || تحقيق: باسل يوسف