مأساة جبلة وطرطوس بعين واقعية
كثرت تعليقات ومنشورات وانتقادات رواد مواقع التواصل الاجتماعي، ومحاولات البعض للاستثمار في الدم الذي سال في مدينتي جبلة وطرطوس جراء التفجيرات الإرهابية التي خلفت مئات الشهداء والجرحى، حيث باتت الفاجعة التي أصابت كل السوريين دون استثناء مادة دسمة للنشطاء عبر الفيس بوك، ليفرغ كل منهم ما لديه من قيم وأخلاق وشعور.
ومع ذلك التفاوت بردود الأفعال وأشكال التعاطي مع الفاجعة كان لافتاً ما نشره شاب يدعى “خضر انبيعة” من أبناء اللاذقية -الشاب العشريني- الذي رأى المأساة بعين واقعية، حيث نشر عبر صفحته على الفيس بوك كلاماً مختلفاً المضمون عميق الفكرة، لينتقد نُشر حول هذه الفاجعة من زاوية الغضب والاستنكار والشجب والتحريض والثأر وتحميل المسؤوليات، في حين رأى خضر أنه من الأجدى لو تنبه الناشطون لنقاط القوة والضعف الموجودة فيما يتعلق بالأمور اللوجستيه وسلطوا الضوء عليها، أو على كيفية التصرف أثناء وقوع الكوارث نفسياً وطبياً، ونشر أمور توعوية وإرشادات حول تلك الأمور.
واستغرب خضر من عدم جدوى جهود آلاف الجمعيات الاجتماعية والتطوعية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية التي نظمت دورات إسعافية ودورات حول كيفية التعامل مع الكوارث لمئات آلاف الكوادر البشرية، في حين لم يتواجد أي منها على الأرض حال وقوع الكارثة.
وحاول تناول الموضوع من زاوية واقعية ناظراً إلى تكرار حالات وقوع الإنفجارات خلال الحرب التي نعيشها مئات المرات، دون أن نتجاوز مشهد من يحمل المصاب بطريقة خاطئة ربما تقضي على حياته.
ولم يرَ من الحشود من بادر لتشكيل حاجز بشري حول موقع الحادث ولا من اتخذ إجراء من شأنه تسهيل وصول سيارات الإسعاف والإطفاء.
وفتح من خلال ما نشر الأذهان حول مسألة توجه فريق إطفاء وإسعاف مدينة اللاذقية إلى مدينة جبلة ليشارك بالمهمة، متسائلاً عن عدم التفكير فيما لو تزامن حدوث طارئ في المنطقتين –لا قَدَر الله- فما ستكون النتيجة؟؟!!
وعاود التساؤل عن عدم مبادرة احد من ناشطي الانترنت لنشر عناوين المشافي المتواجدة بالمناطق ووصف نطاق خدمتها بحال وقوع أي حادث بمحيطها.
وختم منشوره بتفضيله منشورين اثنين رصدهما واصفاً إياهما بالفعالين، هما منشور الدعوة للتبرع بالدم والزمر المطلوبة، ومنشور بطرياركية انطاكيا وسائر المشرق للعلاقات المسكونيه التي تكفلت تحمل تكاليف العلاج والعمليات للحالات التي تم إسعافها إلى المشافي الخاصة.
وأطلق خضر عدداً من المنشورات التوعوية حول أساليب التعامل مع الحوادث والكوارث والحالات الطارئة وأساليب الإسعاف وغيرها من الأمور الضرورية في حالات الخطر.
ما تحدث عنه خضر واقع ملموس نعيشه ويتكرر مع كل حادث مشابه دون أن نتخذ العبر مما قد مررنا به في أغلب الأحيان، بل سادنا جو التسييس والتجيير والتحليل، مبتعدين عن واقع الحرب ومتطلبات الاستجابة لها وكيفية التغلب على ويلاتها وآثارها، ما يضع المجتمع السوري بأسره أمام مسؤولية جسيمة تتطلب عملاً من نوع خاص تكون فوائده متناسبة مع حجم ما نتعرض له جميعاً.
بلال ديب