أخبار البعثسلايد

“الإعلام الحزبي” وتحدياته في حلقة نقاشية بدار البعث

بين الإعلام والإعلام الحزبي، والأسئلة المرتبطة بدور الأخير في التواصل مع الرأي العام والمساهمة في توجيهه أو التأثير عليه، رأى الدكتور عبد اللطيف عمران، المدير العام لدار البعث، أن التطورات التي شهدها عالم ما بعد الحداثة تؤكد أن “الإعلام الحزبي” بات أكثر حضورا من عهود سبقت. والإعلام الذي اعمد مفهوم “الحيادية” و”المهنية” على حساب الموقف و”التحزب” قد بدأ يضعف تاركا المساحة لعودة الحزبية في عالم يشهد استقطابا سياسيا وأيديولوجيا.

الورقة التي قدمها الدكتور عمران ضمن سلسلة حلقات بحث يقيما المركز الوطني للأبحاث واستطلاع الرأي في دار البعث، تزامنت مع الذكرى الـ71 لصدور صحيفة البعث، مؤكدة أهمية النقاش العميق لدور الإعلام الحزبي في عالم اليوم، بالنظر للتطور الكبير الحاصل في فضاءات التواصل الاجتماعي وفي تكنولوجيا الاتصالات، استجابة لتوجيهات الأمين القطري لحزب البعث الرفيق الدكتور بشار الأسد الذي أكد على 1- أهمية تفعيل الإعلام الحزبي -2- تطوير أدواته وعدم الاعتماد على الوسائل التقليدية فقط، -3- مواكبة التطوّرات بهذا الخصوص بما يحقق وصول أفكار ومواقف وسياسات الحزب بشكل أكبر وأكثر فعالية ليس فقط لأعضاء الحزب وإنما لجميع شرائح المجتمع.

الدكتور عمران أكد أن الانتماء الحزبي للوسيلة الإعلامية يؤثر على الإستراتيجية التحريرية للوسيلة الإعلامية، إذ أدى في بعض الأحيان إلى حرف الوسيلة الإعلامية عن دورها الرقابي كسلطة رابعة، ودورها الناقد في نقل الواقع، وعن البعد التنموي في عملها لجهة تشكيل الوعي والهوية. وأضاف أن الوسيلة الإعلامية الحزبية في عملها تنتقل من المستوى المحلي بالتوجه للشريحة الحزبية إلى شرائح أوسع محلية وإقليمية ودولية بما فيها التيارات والأحزاب.

وأضاف الدكتور عمران أن الإعلام يقوم على نظرية الاتصال (مرسل – متلقي) وأن معطيات عصر “ما بعد بعد الحداثة” تفرض تحولات متسارعة في وسائل التواصل الأمر الذي أحدث تغيرات على الوظائف والاستراتيجيات الإعلامية، فالإعلام الحزبي لا يمكن أن يكون من الأعضاء للأعضاء في الحزب، بل من الحزب إلى الشرائح الواسعة من المتلقين في المجتمع المحلي والعالم. وشدد على أهمية أن يلعب الأعلام الحزبي دور الناقد وأن يمارس دوره كـ”سلطة رابعة” بشكل واضح وقوي، مشيرا إلى أن جدلية العلاقة بين الإعلامي والسياسي تتجلى بشكل واضح في الإعلام الحزبي الأمر الذي يستدعي النظر في لغة الإعلام الحزبي أيضا وأدوات عرضه، فهو ليس إعلاما حكوميا بمعنى أن دوره لا ينحصر في نقل أخبار الفعاليات الحكومية أو نشاطات المسؤولين في العمل الحكومي.

ولفت الدكتور عمران إلى أن الشركات الإعلامية الخاصة تتمتع بقدر كبير من التأثير في الرأي العام، الأمر الذي يثير سؤالا حول قدرة الإعلام الحزبي على المنافسة، متسائلا في هذا السياق: هل يمكن لنا أن نقبل بالرأي الذي يناهض سياستنا التحريرية، وهل يمكن أن تبقى سياستنا التحريرية منشدة تماما إلى الحزب دون التحلي بالمرونة؟ هل تسهم الكوادر الحزبية والقيادات في الإعلام الحزبي؟ وهل الحزب وصائي؟ وهل الوصائية ضرر أم انضباط؟

وتطرق الدكتور عمران إلى دراسة لنيل درجة الماجستير عام 2011 حول “الإعلام الحزبي الفلسطيني وأثره على المشروع الوطني”، للباحثة أسماء محمود السيد سلطان والتي خلصت إلى أن الإعلام الحزبي الفلسطيني قد أثر سلبا على حق العودة، وعلى مفاوضات السلام مع الاحتلال، وعلى وحدة الصف الفلسطيني، الأمر الذي قدم خدمة للمشروع الصهيوني.

ومن الحالات التي تؤكد العودة القوية للإعلام الحزبي في العصر الحالي، بحسب الدكتور عمران، ما قاله جيم والتون، المدير السابق لقناة سي إن إن الأميركية حين قدم استقالته: كنت مهنيا أكثر من المطلوب في وقت يتجه فيه الإعلام “المرئي” ليكون حزبيا.. لم يعد المهني مفيدا فقد بدأت القناة تخسر أمام “فوكس نيوز”… بالتالي، لرفع مستوى المشاهدة لابد من الإيمان بأننا دخلنا عصر الإعلام المنحاز…. المطلوب هو التحشيد والتجييش العاطفي، حيث يكون الاعتماد على الرأي أكثر من مجرد عرض الوقائع……”، الأمر الذي دفع بوالتون في النهاية للقول: “اتجه للإعلام الحزبي وانس مثاليات الإعلام المحايد القديم…. هذا محزن لكنه الواقع”.

واختتم الدكتور عمران ورقته بالتأكيد على أنه يجب على الإعلام الحزبي أن يقوم بنقل دور الحزب في المجتمع والدولة، وضرورة أن يكون إعلاما متمايزا عن الإعلام الحكومي والإعلام الخاص.

الدكتور مهدي دخل الله، رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام القطري، عقب على ما طرحه الدكتور عمران بالتأكيد على ضرورة تخلي الصحفي في الوسيلة الإعلامية الحزبية عن الرقيب الموجود في داخله، وأن يكتب بحرية وبقلم نقدي تجاه القضايا التي تتعلق بعمل الحكومة دون خوف من أحد، مؤكدا أن الصحفي في الإعلام الحزبي لا يجب أن يتحول دوره إلى “كاتب مدائح” للحكومة أو التغطية على الخطأ إن حصل. وأضاف أنه يجب الفصل بين ما يمكن تسميته بـ”النشرة الداخلية” للحزب والتي يكون دورها تغطية النشاطات الحزبية وإطلاع الرفاق الحزبيين على نشاطات الفروع والوحدات الحزبية الأخرى، وبين الإعلام الحزبي الذي هو من مسؤولية دار البعث بوسائلها الإعلامية، الصحيفة وموقع “البعث ميديا” الإكلتروني وموقع “البعث نيوز”  الإلكتروني والمركز الوطني للأبحاث واستطلاع الرأي، حيث يؤدي الإعلام الحزبي في هذه الوسائل دورا إيجابيا تجاه المجتمع عبر النقد الجريء والمتوازن لمظاهر الخلل وأماكنه في الشأن العام. ولفت إلى أن القيادة القطرية تعمل حاليا على تطوير الإعلام الحزبي عبر تطويع وسائل الاتصال من خلال مديرية خاصة بالإعلام الإلكتروني.

المداخلات الأخرى تطرقت إلى حقيقة أن بقاء الإعلام الحزبي في إطار “الناقل” فقط للأخبار الحزبية والحكومية يلغي أي قدرة له على التأثير، بالتالي فإن هناك ضرورة للتحرر من هذا الإطار الضيق عبر تفعيل الدور الإعلامي الحقيقي للإعلام الحزبي بصفته إعلام “جماهيري” بالفعل.

 

البعث ميديا || خاص