مساحة حرة

إلى متى سيبقى العرب في الجانب الخطأ من التاريخ؟!!

في ظل ما يشهده وطننا العربي من أحداث مفجعة، يقف المرء مذهولاً أمام ذلك المشهد الذي يجتاج عالمنا العربي .. لدرجة أننا نكاد لا نصدق أن ما يجري هو حقيقة أم خيال!! مشهد مأساوي .. وخراب ممنهج .. فالقتل وسفك الدماء والتخريب والدمار يعم أرجاء أمتنا العربية.

حيال هذا المشهد غير المسبوق وفي لحظة تأمل سرعان ما تتبادر إلى الذهن تساؤلات (محقة ومحيرة) في آن معاً، لاسيما عندما يدرك المرء أن كل شعوب العالم لديها ما تعتز وتفتخر به، فعلى سبيل المثال لا الحصر الفيتناميون مازالوا يفتخرون ويعتزون حتى يومنا هذا بأنهم دحروا الولايات المتحدة الأمريكية (القوة الأعظم في العالم آنذاك) واتحدوا في دولة واحدة بعد أن كانوا فيتنام الشمالية وفيتنام الجنوبية .

أيضاً اليابانيون يفتخرون بأنهم خرجوا من تحت ركام هيروشيما وناكازاكي واستطاعوا أن ينهضوا ببلدهم ليصبحوا بمصاف الشعوب المتقدمة تكنولوجياً ،كذلك الأمر الصينيون يفتخرون ويعتزون لأنهم أصبحوا قوة اقتصادية عالمية ،فالعديد من دول العالم أدركوا حاضرهم ومستقبلهم بمزيد من الانجازات والتقدم المضطرد.

في الوقت ذاته نرى حالة من الضياع والهوان تسود عالمنا العربي وكأن المعنيين في الشأن العربي لا علاقة لهم بما يجري لا من قريب ولا من بعيد (ذاهبون إلى حيث لا يدرون تائهين في سراديب الجهل والتخلف) أولئك كانوا ومازالوا جاهزين لإمداد خفافيش الظلام وشذاذ الأفاق بالمال والسلاح حاملين معهم دون حياء مهمة تنفيذ المشروع الأمريكي:

السؤال الذي يطرح نفسه نحن العرب بماذا نفتخر؟!! ما هي مكانتنا وما هو موقعنا بين الشعوب؟!! أين نحن وشعبنا العربي يذبح بدم بارد من قبل إرهابيي البترودولار؟!! أسئلة محيرة ومؤلمة تدور في ذهن كل واحد منّا، هل نفتخر ونعتز بانقساماتنا وتشرذمنا بتلك الطريقة المخزية لنصبح عبارة عن إمارات وممالك صغيرة متناحرة لا وزن لها بين الأمم؟!!

هل نفتخر في تآمر بعضنا على البعض الأخر من الخلف؟!! أم نفتخر ونعتز بأننا أكثر شعوب الأرض تعرضاً للخيبة والذل؟!! هل نفتخر بأننا أكثر شعوب الأرض قدرة على التلون كالحرباء نغير مواقفنا ومواقعنا بطريقة عجيبة غريبة؟!! هل نفتخر بأننا أكثر الشعوب انهزاما وخنوعاً واستسلاماً؟!!

أسئلة كثيرة تدمي القلوب وتذهب العقول لذلك الحال الذي أودى بمستقبل الأمة إلى حافة الهاوية والتهلكة (بفعل فاعل قذر وخبيث) تلك الأمة كانت خير أمة أخرجت للناس بدأت تتهاوى وتتآكل بطريقة بشعة لم يشهد لها العالم مثيل!!

هذا الدمار والحريق الذي يجتاح أمتنا إلى متى .. والى أين؟!! وهل سنبقى مجرد شهود عيان على ما يجري، بل ذهب بعضنا إلى أكثر من ذلك عندما غرق في سراديب النزوات الفردية الرخيصة والضيقة وانخرط في أتون الجهل والتخلف.

الثروة والمال أعمت بصرهم وبصيرتهم، لتصبح القيم والأخلاق بالنسبة لهم مجرد (موضة قديمة)

في كل الأحوال نحن في سورية لم نعرف الغدر والخيانة في يوم من الأيام، كنا ومازلنا صادقين مع أنفسنا ومع الآخرين.. فكم من مرة نبهنا لأخطار محدقة بنا جميعاً في حال بقينا تائهين ومشتتين في سراديب الحلول وأنصاف الحلول.. وكم من مرة نبهنا الي تلك العواقب الوخيمة التي ستطولنا جميعاً دون استثناء أحد فينا بسبب انقسامنا وتناحرنا.

القاصي والداني بات يدرك أن سورية بذلت كل ما لديها من إمكانات وخبرات ونصائح لتجاوز ما كنا عليه من ضعف وهوان، للأسف الشديد تلك الدعوات والجهود المخلصة لم تجد آذاناً مصغية (اللهم ماعدا شرفاء الأمة الذين يقفون بعزم ورجولة إلى جانب سورية) بل جوانبها بمزيد من الغدر والخيانة.

من كنا نعتبرهم أخوة وأصدقاء غدروا بنا ووقفوا إلى جانب أعداء الأمة بعد أن أخذوا على عاتقهم تمويل إرهابيي العصابات المسلحة بهدف ضرب وتفتيت سوريا إلى إمارات وكانتونات، لكن شرفاء الأمة وعلى امتداد الساحة العربية يقفون بثبات وثقة أكثر من أي وقت مضى إلى جانب الموقف السوري الشجاع الذي أذهل العالم.

سورية كانت ومازالت تطمح بل تتمنى أن نكون أمة عربية واحدة تعتز وتفتخر بقوتها ومكانتها بين الشعوب، السوريون كل السوريون يتساءلون أين أنتم يا عربان الخزي والعار؟!! الشعب العربي يقتل ويذبح.. هذا هو لسان حال السوريين وكل شرفاء الأمة العربية.

هل سيبقى العرب في الجانب الخطأ من التاريخ؟!! هذا السؤال سيبقى شغلنا الشاغل الى أن تعود الأمور الي نصابها بهمة وعزيمة شرفاء هذه الأمة على امتداد الساحة العربية.

 

نبيل حافظ حسن