مساحة حرة

الإنعطافة التركية والدور القادم؟؟

فيكتور فودولاتسكي رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب الروسي (الدوما) يقول: ” إن موسكو تقدمت خانة على رقعة المفاوضات لتطلب من تركيا مسألة إغلاق الحدود مع سورية.. مؤكداً أن تركيا لا تريد أن تخسر طاقة الفرج الروسية، سيما وأن الانقلاب الثاني يدق طبول المواجهة..”، وهذا ما أكده الكاتب والمحلل السياسي البريطاني روبرت فيسك : بأن الانقلاب الثاني ليس ببعيد؟

إذا أردوغان الذي كان على دراية بالانقلاب ولو قبل وقوعه بوقت قصير، جعل من انعطافته السريعة والمذلة باتجاه روسيا والرئيس بوتين هي مجرد طاقة الفرج التي مكنت السلطان المغرور من تجاوز عقدة الانقلاب بعد أن أفلت من قبضة الجيش التركي، وفتح باب الانتقام المعد والمركز من خصومه ضمن وقت قياسي، غير آبه بالانتقادات التي جاءته من الغرب الحليف اللدود لتركيا ونظامها الإخواني.

فيما يخص الملف السوري والحديث عن إنعطافة تركية ودور جديد لتركيا قادم في مجال محاربة الإرهاب والتعاون مع روسيا وإيران في هذا الإطار، نجد أن كل ما قيل حول ذلك هو مجرد تكتيك سياسي للتغطية على بعض جرائم النظام التركي الغدّار، وإن سورية على قناعة تامة بأن أردوغان لن يسلخ جلده ولن يُغير من سياسته العدائية ضد سورية التي لن تأمن بدورها جانب هذا النظام لا في الحاضر ولا في المستقبل، وأن تاريخ أردوغان الأسود في العمالة والتآمر على سورية وشعبها وقيادتها لا يُمكن أن تُمحيه أية تصريحات أو مواقف أو حتى أعمال فعلية في محاربة الإرهاب الذي نما وترعرع في تركيا وبمساعدة مباشرة من أجهزة استخبارات أردوغان، فليس وارداً أن تقبل سورية بأي دور جديد لهذا الخائن الذي غدر بسورية وبكل جيرانه.

إن بعض التصريحات التركية حول النظام في سورية وقبولها باستمراره لوقت محدود، هي اعتداء جديد على السيادة السورية يُضاف إلى جملة الإعتداءات التي قام بها نظام أردوغان االفاشي بإشراف وتوجيه مباشر من رئيسه ضد السوريين ودولتهم منذ الأيام الأولى للحرب على سورية، حيث كان أردوغان شخصياً عراب هذه الحرب وعمودها الفقري من خلال فتح الأراضي التركية ومطاراتها وحدودها البرية في وجه موجات الإرهابيين من كل دول العالم وهيأ لهم معسكرات تدريب وأمن لهم كل الوسائل المساعدة من سلاح وذخيرة وأموال وتجارة حرة مع تركيا وعبرها، وإن الحكومة السورية وقيادتها السياسية المستمدة قوتها وشرعيتها من الشعب السوري الذي هو الوحيد صاحب الصلاحية والحق في اختيار قياداته وشكل نظامه السياسي والاقتصادي والاجتماعي، لا تنتظر من النظام التركي أي رأي بالموافقة أو الرفض أو أي موقف لأنه من خارج اهتمامتها الوطنية، وإذ تنظر سورية إلى الدور التركي من باب المهام الدولية الواجبة وضرورة الزامه بتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بسورية وخاصة القرار 2253 الخاص بوقف كل أشكال الدعم والتمويل والتسهيل لحركة التنظيمات الإرهابية، وتطالب الدول الكبرى في مجلس الأمن الدولي بتحميل نظام أردوغان مسؤولياته القانونية والجنائية تجاه دعم الإرهاب وتمويله وفتح الأسواق التركية لتجارته غير القانونية، كتجارة النفط المسروق من المناطق المستولى عليها.

وإن الحديث اليوم عن دور تركي محتمل في محاربة الإرهاب ما هو إلا نكتة الموسم، وقفز فوق سور الأحداث والوقائع التي أكدت أبوية النظام التركي للإرهاب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وأن كل محاولات تنظيف السمعة التركية أو السعودية والقطرية من لوثة الإرهاب لن تحظى بالقبول تحت أية ظروف أو مسميات، وإن الحل السياسي للأزمة السورية ستفرضه إنجازات الجيش العربي السوري وحلفائه على الأرض من خلال القضاء على الإرهاب فكراً وممارسة وأدوات، وعودة الشعب السوري إلى حاضنة الوطن التي تتُيح له ممارسة حقه المشروع في اختيار طبيعة وشكل النظام المستقبلي الذي يسعى إليه ويتمناه، وهذا سيكون تحت رعاية وقيادة الرئيس الشجاع الدكتور بشار الأسد الذي قاد المعركة بحكمة وحنكة، وقاد السفينة إلى شاطئ الأمان بكل اقتدار رغم العواصف العاتية والمواج الهائجة..

 

محمد عبد الكريم مصطفى