مساحة حرة

التحالف الدولي.. والنوايا الخبيثة؟؟

   أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن خطته الموعودة لمواجهة التنظيم الإرهابي الذي كان يُعرف ” بداعش ” وبالدولة الإسلامية اليوم ، التي ظهرت على شكل تحالف دولي يضم أعداء سورية بالدرجة الأساسية من أجل تنفيذ هذه المهمة دون أن يضم هذا التحالف الدولة السورية أو أحداً من أصدقائها الحقيقيين ، وهنا  توضحت النوايا الخبيثة المبيتة خلف هذه الإسترتيجية التي تبغي الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من خلفها تمرير أهداف بعيدة كل البعد عن الهدف المعلن وهو ضرب تنظيم ” داعش ” الإرهابي في المنطقة ، وهذا ليس بجديد في السياسات الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط والمشروع الاستعماري الجديد حيث الغاية تُبرر الوسيلة لديها ، وحماية الكيان الصهيوني وضمان تفوقه العسكري على جواره هي الغاية الكلية التي تضمن المصالح الأمريكية وهذا يتطلب استمرار تواجد الإرهاب في المنطقة وخاصة في دول جوار فلسطين المحتلة .

  ما عجزت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها وأدواتها  عن تحقيقه في المنطقة على مدى أكثر من أربعين شهراً مضت في اسقاط الدولة السورية وتدمير الجسد القوي المتماسك لجيشها الوطني بكافة الوسائل العسكرية والإعلامية والاقتصادية وغيرها ،تحاول اليوم  أن تحققه عبرتنظيم ” داعش ”  الذي يقدم لها فرصة جديدة ايجابية لكي تصل إلى أهدافها من جهة وتتنصل من مسؤولياتها الدولية التي أخذتها على عاتقها بعدم ضرب سورية مقابل تسليم الحكومة السورية الأسلحة الكيماوية التي لديها إلى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية ، لتعود وتتخذ من القرار الدولي 2170 غطاءً لأعمال عسكرية دون العودة إلى مجلس الأمن الدولي من جديد ، وتقوم بضرب أماكن محددة في سورية وخاصة مواقع الجيش السوري لزعزعة عرى التماسك لديه ومن ثم اسقاط الدولة السورية لصالح المشروع الاستعماري وإعادة الهيمنة على المنطقة برمتها ، وهذا ما لن يسمح به القطب الدولي الآخر بقيادة روسيا والصين وحلفائهم في المنطقة مهما كانت النتائج ، وإن تحريك القوات الروسية المفاجئ لاختبار جاهزيتها هو مؤشر لجدية المارد الروسي بالتصدي للحماقات الأمريكية في حال حدوثها .

  يبدو أن التحالف الأمريكي في الحرب على ” داعش ” مهترئ من داخله قبل إنطلاقته الفعلية ، فالحليف التقليدي للولايات المتحدة في مثل تلك الحروب هو بريطانيا الأم الشرعية للاستعمار القديم ، وهي لن تشارك في هذه الحرب ربما لأنها استفادت من الدرس المؤلم في أفغانستان والعراق ، وتم استبعاد تركيا لصالح قيادة مملكة الرمال للدول الإقليمية مقابل تسديد فاتورة الحملة العسكري وإدارتها على الأرض تدريباً وتسليحاً وتغطية إعلامية وكل ما يتعلق بها لوجستياً .

  نستنتج من ذلك استمرار الولايات المتحدة في مراوغتها وكذبها وتقصدها العبث بمستقبل وتاريخ الشعوب والتغاضي عن مصادر الخطر الحقيقي للمنطقة والعالم المتمثل بتنامي العصابات الإرهابية المتطرفة واشتداد بأسها تحت أعين وأجنحة الولايات المتحدة وعملائها الأساسيين في المنطقة وعلى رأسهم المملكة الوهابية ، وهذا ما تؤكده التصريحات الأمريكية ذاتها بأن هذه الحرب ستستمر لسنوات قادمة وهو مؤشر بأن كل ماتقوم به الولايات المتحدة وحلفائها لا يهدف إلى مكافحة الإرهاب أو القضاء عليه ، بقدر ما هو وسيلة خبيثة لإعادة تسليح العصابات الإرهابية تحت يافطة دعم ” المعارضة المعتدلة “بطريقة غير مباشرة أو مباشرة سيان لتستمر تلك العصابات بنشر الفوضى والتخريب ، وإلهاء الحكومات الوطنية عن دورها الأساسي في خلق تنمية مجتمعية حقيقية ، وحصر اهتمام الدولة في  تأمين قضايا الأمن والآمان على حساب حياة ومعيشة المواطن..

محمد عبد الكريم مصطفى