مساحة حرة

كُتّابٌ كذبة .. وحقائق ماثلة

كشف حديث الرئيس العربي السوري الدكتور بشار الأسد الذي أجرته معه فضائية المنار اللبنانية المقاوِمة مؤخراً، حجم النفاق الذي تمارسة أقلام البعض في تزوير الحقائق والنفخ في كير الخلافات والتباينات والتناقضات، وحرف البوصلات، وتوسيع الشقة وتعظيمها وتحميل الآخر مسؤولية التآمر الذي جرى ضده وما يزال وما أنفق لـ(إزاحته) ولتدمير الدولة الوطنية السورية من تريليونات الدولارات وتدريبِ إرهابيين مرتزقة وما أغدق عليهم من سلاح ودعم سياسي وإعلامي ومعلومات استخبارية على مدى 53 شهرا وما زال.

فقد اتهم أحد هؤلاء الكتاب الرئيس الأسد بمذهبة ما يجري في المنطقة، ناسيا أحدث الدعوات لذلك قبل 20 سنة من الآن والمطالبة بتقسيمه إلى 3 ولايات على أسس مذهبية وعرقية، وناسياً مزاعم الأمريكان قبل احتلال العراق بأن شيعته مضطهدون فيما كانت قائمة المطلوبة رؤوسهم لدى الأمريكان عشية الحرب والاحتلال تضم 62% من أركان الدولة العراقية؛ شيعة، وبعد الاحتلال تحول (الحنان) الأمريكي نحو السنة، ليس حبا في سنة ولا شيعة ولكن استغلالا للسنة والشيعة، ولعب على حبال تباينات عتيقة تعود لأكثر من 1400 سنة لتنسينا أعداء اليوم الذين استباحوا الأرض والعرض والمقدرات والكرامة والمستقبل، ويأتي من الكتّاب الأشاوس وشيوخ المنابر، من يعمل على حماية ظهور المحتلين ومقسَمي الأوطان ومصنعي ومعمقي التباينات والشقوق .. من صهاينة وإمبرياليين ورجعيين متخلفين.

وننسى (لو اطلعنا على التاريخ جيدا وليس كما نلقن) أن الصفوية منتج أذري تركي وليس إيرانيا ولا فارسياً، وأن المذهب الشيعي هو منتج عربي، قبل أن يكون إيرانياً أو فارسياً، وأن إيران الشيعية ليست ضاربة في التاريخ نقيض ما يروّج، وأنها كانت شيعية في عهد شاهها المخلوع، فما الذي جدً سوى أن الشاه كان سيف وترس وبندقية أمريكا في المنطقة يُخرس من تشاء أمريكا إخراسه، ولما انتهى، أصبحت إيران عند البعض عدوة العرب لأن أمريكا تريد أن نكون أعداءها، فإيران إلى حد بعيد ما عادت مزرعة أمريكية ولا صهيونية.

وينسى البعض أن سورية قبل 17 آذار 2011، كانت عامرة زاهرة آمنة مكتفية، تمشي المرأة والطفل في شوارعها حتى الفجر دون أدنى قلق، غير مدينة لأحد، مبدئية تجاه قضايا الأمة الرئيسة في المقاومة والقضية الفلسطينية ورفض التصالح مع الكيان الصهيوني، رافضة القبول بمطالب كولن باول ألـ 8، مفضلة الحصار والعقوبات المفروضة عليها، على التسليم والقبول بالأجندة الامريكية الصهيونية الغربية، التي على خلاف مصالحها الإستراتيجية ومصالح أمتها.

ويزعمون أن (النظام السوري يقتل شعبه)، والسؤال هل كان أحد يُقتل في سورية، أو هل كان أحد يفتقد الأمن، أو الخبز أو الغاز أو أي من ضرورات الحياة، قبل أن يتآمروا على أمن الشعب العربي السوري ؟

وهل أحد ممن يطالبون بالديمقراطية في سورية، من الإقليم أو من خارجه، يعيش حالة من الديمقراطية أكثر مما هي عليه في سورية قبل المؤامرة وبعدها، ليطالبوا سورية بها ؟ الم تُمسي حتى الولايات المتحدة الأمريكية تراقب المكالمات  الهاتفية وتعتقل على الشبهة وتقيم المعتقلات الطائرة وتقتل السود في الشوارع، ولايقدر الجيش الأمريكي الدخول في 168 منطقة خاضعة لمليشيات بيضاء عنصرية وسوى ذلك.

والسؤال ألم تُفض المؤامرة على سورية وأقلام الكتاب الكذبة والإعلام الموبوء، إلى إعادة سورية إلى الخلف اقتصاداً وأمنا اجتماعيا واستقراراً، ومع كل ذلك، سورية صامدة، وتصل رواتب موظفيها إليهم، حتى في المناطق التي ما زالت تحت سيطرة العصابات الإرهابية.

والسؤال أيضاً، هل كان من الممكن صمود دولة، أي دولة، كل هذا الوقت، لولا أنها لم تحظ ببطانات شعبية واسعة؟ وهل من الممكن أن تستمر مراهنات الحلفاء على دعمها، لو أن مراهناتهم كانت على خواء؟ وهل الزوال أو الضعف الذي أصاب بعض أعداء سورية الإقليميين والدوليين كان صدفة أو جرّاء قوة وصمود سورية وقدرتها على تحويل المؤامرة عليها إلى مصدر قوة؟ أليس كل من يستطيع ذلك ويحققه جدير بالنصر والحياة؟

وهل التحولات الكبيرة في الإقليم ودوليا والحوارات الديبلوماسية والسياسية  كان من الممكن أن تكون لو أن أعداء سورية استيقنوا للحظة أن في مقدورهم الحاق الهزيمة بالدولة الوطنية السورية، وان من يسمونهم معارضين معتدلين أو غير معتدلين يراهن عليهم ؟ وهل انتشار النيران في أوكار متآمرين على سورية يدل على صواب المتآمرين، أو على أن أدوات المؤامرة من إرهابيين مرتزقة يراهن عليهم على نقيض جيش سورية وشعبها وقواها الوطنية المقاومِة.

وأخال الكتاب الحقيقيين الذين هم على علم ومعرفة ودقة وصواب رأي وشجاعة، الذين هم على ولاء وإخلاص لأنظمتهم أو دولهم أو أحزابهم أو مموليهم، لا يهرفون ولا يكذبون ولا يرشّون على الموت سكرا ولا ينافقون ويضللون من يطالبهم برأي أو مشورة، ولا يقبلون بتحسينات مخادعة فارغة حتى لو طلب منهم لك بالسر أو بالعلن، وإنما يدحضون الكذب والنفاق والخوف بالحجة والمنطق والرأي الصواب .

مطلوب قليل من عقل وضمير ومقاربات والارتقاء بالمصالح العامة على الخاصة، والشجاعة على الجبن،ما يجعلهم يدركون بجلاء، أن مصالح أمتنا ليست بحال في انتظار أن تصل الإشارة الينا بتغيير وجهة  الدفة، فالتغيير قدم لصالح محور المقاومة، والإمبرياليون سيتجاهلون دعوة من ينتظر الإشارة، وهذا ما هو حاصل حتى الآن (..) فهم سيعتنوا بالأقوياء المبادرين الذين يدركون مصالح جيداً، ولا يضعون بيوضهم كلها في السلال الأمريكية.

 

محمد شريف الجيوسي – كاتب اردني