ثقافة وفن

لا جديد تحت الشمس

لا جديد تحت الشمس، ما من شيء يجري الآن لم يحدث سابقا، يهوذا باع المسيح ونيرون حرق روما والزير أباد قبيلة عن بكرة أبيها بأخيه كليب، وأنتِ كأنك تحيين خارج هذا التصنيف، لديك عالمك حيث كل ما تحمله روحك يصبح حقيقة، وها أنت محاطة بالكروم ونبيذها.

– الأيام لا تعيد نفسها هذه قاعدة علمية، لكنها منقوصة فلسفيا، فالأيام لا تعيد حوادثها ذاتها حتى لو تشابهت مفرداتها، أما عتبة تقدمها أو تراجعها وحتى التتريخ لها هو من صنعنا، كما يحدث مثلا عندما تضحكين لحكاية احكيها لكِ/ من سيصدق مثلا أنها ليست الضحكة الأولى والأخيرة وما بينهما في هذه الحياة؟ من سيصدق أنها ليست ضحكتك ذاتها على وجوه كل النساء؟.

– هناك قواعد حياتية يومية، سماها الناس “أعرافا” وهي نوع من اتفاق ضمني على قاعدة أخلاقية واجتماعية وسلوكية، لا سبيل إلى تغييرها إلا بالقوة أو باتفاق ضمني جديد غالبا ينشا بعد الحروب، لكن أنتِ تتجاوزين كل هذا الكلام، حتى في هذا البوست الذي أريد فيه أن اكتب عن شيء ليس لكِ فيه أي أثر ما استطعت لذلك سبيلا، فانظري عمن وجدت نفسي اكتب!!.

– كنت قد وعدتها أن أرسم بألوان ضحكتها قمرا رائق اللون يشبه قلبها، وأن اكتب بحبر صوتي على غيوم عنقها، عقد حكايات من ليال وشهرزادات وأغان صيفية..

كنت قد وعدتها اليوم أن أُُجلس البحر كوليدٍ في حضنها الأرجوحة ، وأن اشرب كأسها على الصافي ، بينما خصرها يتداول الفصول ، و فوق ألواح صدري يسفك دم المرايا الأليفة.

كالصبح كعبها .. أبيض ، وريقها نايات..

كنت قد وعدتها أن أسكب في مسمعها “زنبق براري وفل” ، قابضا على جمر شهقاتها بعشر سنابل ، تاركا جدولي هائما على بياضه في كرومها يسرد الفاكهة. وأجيت “فايق” ..كما يقال! قال لي جاري المتبصر في حكايات الأحلام: هذا هذيان يا هذا وليس حلما!.

– إنها تكتب وكأنها تحيا على كوكب “زمردة”! كل الأشياء بالنسبة لها “بامبي” فراشات تطير مع الغروب، وحكايات حب وقهوة وذكريات شتاء عن صيفِ حار مرّ وانقضى إلا في الكلام الباقي في قعر الفنجان.

طفلة لا زالت حتى وهي تتجاوز حدود الوقت المسيج حولها بالحناء والمجاملات التي تردها بود وحزن معا.

أحيانا كنت أشعر بالشفقة على كل تلك الوحدة الطويلة التي صادقتها كمرآة، و التي لا ريب نالت من ضحكتها التي بهتت قليلا، حيث البرد هاهنا هو برد القلب، وليس برد الشتاء، برد ليال مضنية من انتظار خائب الرجاء، لحياة ربما تجيء وربما لا، إلا أن المسافرين مضوا إلى أيامهم، وهي كشجرة هرمة ووحيدة في محطة تائهة بمجرات بعيدة، لا تزال تنتظر، وتكتب عن تلك البلاد التي لم يزرها سواها.

تمّام علي بركات