line1مساحة حرة

لا مرحلة انتقالية.. ولا هدنة مع الإرهاب

أيّ مرحلة هذه؟ وأيّ انتقال هذا؟! ومن ذا الذي يحق له فرض ذلك على هذا الشعب الأبيّ، والجيش الباسل؟. ومن ذا الذي سيسلّم بمصادرة دور المؤسسات الرسمية للدولة الوطنية الراسخة الصامدة إلى مشروع سعودي ذيل وذليل يُفهم من خلاله تقويض هذه المؤسسات، والانقياد إلى مرحلة تسليم السلطة الشرعية دستورياً ووطنياً، ومصادرة حق الشعب وخياره، بل هويته وانتمائه وفق أجندة معادية تماماً.
إن الذين يحلمون بالمرحلة الانتقالية، يحلمون بفرض الرؤية الرجعية العربية بعمقها الراديكالي الإرهابي على الشعب السوري وعلى شعوب المنطقة، وهذا أضغاث أحلام طالما عمل البترودولار على تحقيقها خدمة للمشروع الصهيوني في المنطقة.
فهذه المرحلة هي سراب حقيقي لأسباب عديدة منها:
< إنها هدنة ضارّة بمثابة فرصة مجانية رابحة للإرهابيين الذين خارت قواهم المادية والمعنوية، وانكشف أمرهم أمام المجتمع الدولي وفي المنطقة. والهدنة هنا دعم حقيقي للإرهاب.
< وهي أيضاً قفز فوق القانون، بل تجاوز لإرادة المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بمكافحة الإرهاب ولاسيما للمادة الثالثة من القر ار 2178 التي نصّت على أن «الإرهابي ليس داعش والنصرة فقط بل كل الجماعات الأخرى المرتبطة بتنظيم القاعدة». وهذا ما أغفله وقفز عنه البيان الختامي لاجتماع فيينا، بنقاطه التسع، وهو ثغرة لا شك كبيرة في البيان.
<  لم يأتِ البيان الختامي المذكور على ذكر هذه المرحلة، وطرحُها الآن هو تقويض للجهود المبذولة في هذا البيان، وفي هذا الاجتماع، وفي الاجتماعات التي سبقته، بهدف الإساءة إلى المسار السياسي لحل الأزمة، وللأطراف الراغبة بحل قابل للتحقق، ما يخدم الرؤية السعودية التخريبية الإرهابية.
< كما أن هذا الطرح يرتبط بتحقيق هدف إنهاء الدور الوطني والقومي لسورية ولقيادتها السياسية، والاتجاه نحو الانخراط في مشروع إخواني تكفيري إرهابي لم يعد حتى بإمكان الغرب أن يقبله، والدليل على ذلك الانطباعات القلقة في الغرب عن فوز أردوغان وما سينجم عن هذا الفوز من صدوع دينية وعرقية داعمة للتطرف مايهدد تركيا ويضعها على مفترق طريقين؟.
فمن جنيف 1-2، إلى فيينا 1-2…، مروراً بموسكو 1-2 تتراوح الطروحات والاجتهادات والرهانات على المسار السياسي لحل الأزمة السورية التي هي جزء من أزمة المنطقة عامة، بل من أزمة عالمية بالدرجة الأولى كانت بالأساس والمنطلق نتاجاً مريراً لطموحات وخطط التحالف الصهيو-أطلسي الرجعي العربي بحاملها الثلاثي: التطرف والتكفير والإرهاب.
في هذا المناخ مناخ المسار السياسي تتكاثر التفسيرات الخاطئة الصادرة عن نوايا مبيّتة تتناقض تماماً مع الواقع الذي يفرضه صمود الشعب السوري وجيشه الباسل وقيادته الحكيمة والشجاعة، مايؤكد ويستحضر مقولة راسخة مفادها أن معركة السلم تستلزم تحشيداً واستعداداً وحذراً كمعركة الحرب، وفي وقائع تاريخية عديدة كَسبَ خصوم الحق في الأولى ما لم يستطيعوا كسبه في الثانية.
لذلك يكتنف هذا المسار السياسي ألاعيب  عديدة هي بمثابة استمرار المؤامرة على الدولة الوطنية بألقها التاريخي والمعاصر، وببنيتها ودورها، دون تقدير أو انتباه إلى أن هذه الدولة  وهذا الشعب لن يعطيا الأعداء أبداً بالسلم ماعجزوا عنه في الميدان.
على هذا الأساس يكون حديث المرحلة الانتقالية مضيعة للوقت، ونكراناً لطهارة دماء الشهداء الخالدين، ولبطولات واستعدادات كانت ولا تزال وستستمر حتى دحر المؤامرة على الشعب ودولته الوطنية وقيادته، على الحق والمصير، على الهوية والإرادة والانتماء.
بالمحّصلة: إن موقفنا كقوى سياسية جماهيرية أحزاباً ومنظمات ونقابات وتيارات وطنية واضح وقوي وراسخ، هو عدم السماح بالانتقال وبالهدنة. فلا مهادنة مع العمل على تغيير الهوية الوطنية للشعب والدولة والنظام السياسي في سورية، وحرفها باتجاه المشروع الرجعي العربي بتبعيته المطلقة للمشروع الصهيو-أطلسي.
ولا تجاهل ولا تغيير ولا تنكّر لتاريخنا النضالي المشرق والمجبول بالدم وتراب الوطن.
ولا مجال للرهان الخاطئ على تناقض روسي إيراني سوري في هذا المعترك المصيري. فالطريق واضحة تماماً، وكذلك الأهداف والخطط والإنجازات.
والمنطلق الأساس في هذا جميعه أن القائد بشار الأسد هو الرئيس  الشرعي المنتخب دستورياً وديمقراطياً على أساس وعي الشعب وإرادته ومصلحة الوطن والأمة. والمرحلة الانتقالية تستهدف هذا الأساس.
فمن يجابه الإرهاب هذه المجابهة لا يخشى الانتخابات، ورؤيتنا للحل السياسي سابقة لغيرنا ومجدية وواضحة منذ كلمة السيد الرئيس في 6/1/2013.
د. عبد اللطيف عمران