مساحة حرة

هل تُعيد أوروبا حساباتها ؟؟

من المؤكد اليوم بأن الوقائع والمعطيات على الأرض تغيرت كثيراً عما كان مخططاً له في الدوائر الأمريكية والغربية بخصوص الحرب الظالمة على سورية، حيث أن سقوط الدولة السورية واستباحتها على يد العصابات الإرهابية المتوالدة من رحم الاستخبارات الغربية والتركية وعملائهم في المنطقة أصبح من أوهام الماضي نتيجة الانجازات العظيمة التي حققها الجيش العربي السوري وشركائه في معركة الشرف على الأراضي السورية، وباتت الأهداف التي وضعتها الدول الاستعمارية الكبرى في انتاج شرق أوسط جديد تُديره أنظمة عميلة لها خارج سلم أولوياتها حيث لاقت الفشل الذريع في تحقيقه انطلاقاً من سورية باتجاه شرق أسيا، وأخذت الوقائع الجديدة تُعطي بعداً جديداً لدى الشارع الغربي بعد أن باتت العمليات الإرهابية تطال أمن واستقرار المجتمعات الغربية في عقردارهم ، ولاحقت مخاوفها السلطات الحاكمة في أوروبا وخارجها من أعوانها وعملائها حتى باتت تلاحقهم في أماكن نومهم وخلواتهم، كما تولدت القناعة لدى الشعوب الغربية المغيبة عن الحقيقة بأن ما حصل من هجمات إرهابية في باريس ولندن وسيدني وكندا وغيرها هي ارتدادات مباشرة للنشاط الإرهابي الذي تنامى في سورية خلال السنوات الماضية بنتيجة الرعاية الأمريكية والأوروبية والدعم اللامحدود الذي تم تقديمه للتنظيمات الإرهابية المختلفة ، وهنا في غمرة الأحداث الأخيرة نجد أن سؤالاً جوهرياً يفرض ذاته بقوة وهو : هل ستعيد أوروبا حساباتها تجاه ضرورة عودة علاقاتها مع دمشق، وفتح باب التعاون مع الحكومة السورية لمحاصرة الإرهاب الذي أخذ يوسع مساحة نشاطاته على الساحة الدولية وخاصة في القارة العجوز؟

من خلال التحول الملحوظ في الخطاب الإعلامي الغربي نستطيع استكشاف علامات محددة حول الاجابة المتقاربة على هذا التساؤل وغيره من الأسئلة الأخرى التي تدور في الأوساط السياسية والإعلامية، فصحيفة ” الاندبندنت” البريطانية نصحت قادة أوروبا بفتح طريق دمشق حيث كتبت: “دعوا الرئيس بشار الأسد يتكفل بالحرب على الإرهاب، فهو سيد هذه الحرب ، ويكفيكم شرفاً أن تساعدوا في مخرج لائق يُبرر لكم هذا التعاون”، وقد جاءت الإشارات الواضحة التي أطلقها السيد الرئيس بشار الأسد في لقائه الأخير مع صحيفة ” ليتيرارني نوفيتي ” التشيكية بوجود تغير “بطيء وخجول” في الموقف الأروبي من الحرب الدائرة في سورية لتؤكد وجود مؤشرات ايجابية حقيقية في تحول الرأي العام الدولي والأوروبي تجاه ضرورة التعاون مع سورية وجيشها الوطني لمحاصرة الإرهاب الدولي ولجم نشاطاته المتنامية بشكل كبير بما يُخفف من مخاطره المستقبلية على العالم.

لقد تابع الشارع الأوروبي باهتمام بالغ قراءة ما قاله السيد الرئيس بشار الأسد في لقائه الأخير مع الصحيفة التشيكية، وما كشفه عن دور مريب لأوروبا في تغذية التنظيمات الإرهابية تحت أية تسمية، و اليوم نجد أنه من موجبات الأمن العام الأوروبي والغربي، على أوروبا إعادة حساباتها والتفكير بعقلانية، سيما وأن النار وصلت إلى جلبابها وبدأت تنتشر بسرعة مخيفة، ولا يكفي أن تقوم الإدارات الأوروبية بمهراجا إعلامية من خلال إقامة التظاهرات التي تصدرتها شخصيات عديدة منتجة للإرهاب وراعية له وفي مقدمتهم “بنيامين نتنياهو” رئيس الوزراء الصهيوني، وأحمد داوود أوغلو رئيس الوزراء التركي، وأن مكافحة الإرهاب ومحاولة القضاء عليه لم تأتِ من الدعوات النظرية، وعمليات الإدانة فقط، بل لا بد من عمل دولي جماعي جاد ، وجهود صادقة وفي مقدمتها التعاون مع الحكومة السورية والجيش العربي السوري سيد الأرض وصاحب العقيدة الوطنية المخلصة.

محمد عبد الكريم مصطفى