line1مساحة حرة

البترودولار لا يصنع الشرعيّة

ها هي مفاهيم الشرعية التي كانت تسبغها الإدارة الأمريكية وحلفاؤها في الغرب وعملاؤها في المنطقة على الحكومات تذروها الرياح، بعد أن تبدد معها مفهوم “الربيع العربي”، وما نتج عنه من دمار،  وتلاقٍ بين “الثورة” والإرهاب والمعارضة.
هذا ما لا يمكن للمبادرات المطروحة اليوم تجاوزه.
وها هو صمود الدولة الوطنية السورية بتماسك الشعب والجيش والمؤسسات خلف القيادة السياسيّة يصوّب مسار الواقع والمستقبل، ويصحّح ما اختلط فيه الحابل بالنابل حتى ظنَّ بعضهم أنَّ زمن الدولة الوطنية ولّى إلى غير رجعة، وأنَّ معطيات حركة التحرّر والاستقلال العربية بما فيها من وعي ويقظة ومشروع قومي صارت في رفوف خزائن الكتب التاريخية.
فقد بدأت سنوات عجاف مع بدء العقد الثاني من الألفيّة الثالثة ساد فيها ما كان مفاجئاً ولم يكن في الحسبان، غابت خلالها مفردات الوحدة والعروبة والعلمانية والتنوير ومناهضة الاستعمار والامبريالية والصهيونية. اشترى فيها البترودولار الذمم، وشوّه الوعي، وجمعت الرجعيّة العربيّة المرتزقة وشذّاذ الآفاق فأتخمها رصيدها من الزعران والإرهابيين حتى ظنّت نفسها صاحبة قرار ومصير!. وظنَّ معها كُثر أنَّ الفكر القومي والمشروع العروبي صارا في غياهب العجز والخيبة، وأنَّ الجماهير رهن التضليل الإعلامي، وأنَّ الوعي السياسي يصنعه البترودولار.
الآن، تدخل المنطقة في منعطف، بل في تغيّرات وتطورات فرضها بالضرورة صمود الجيش العربي السوري ومؤسسات الدولة بما فيها من أحزاب ومنظمات ونقابات… بقيادة الرئيس الأسد الذي أرسى بحكمته وشجاعته دعائم هذا الصمود، وهذا ما اعترفت به وتتحدّث عنه اليوم القوى الحية وأصحاب الوعي والضمير وأحرار المنطقة والعالم.
هؤلاء جميعاً، وغيرهم صاروا على يقين بأن لا حرب حقيقية مجدية على الإرهاب دون الأسد. ولا حل سياسياً ولا عسكرياً ولا استراتيجياً بدونه أيضاً، بعد أن تأكد تماماً خلال السنوات الماضية أن لا أمل معقوداً على معارضة ناضجة بعد هذا الإسراف والإسفاف في الشراء والاستئجار والارتزاق. إذ ثبُت للمجتمع الدولي أنه لم يعد يوجد عاقل يراهن عليها بعد حدة الاستقطاب والإرهاب.
ومع مضي الأيام أُصيبت الاستراتيجية الأمريكية التقليدية في المنطقة والعالم بالخيبة، وبدا القرار الأمريكي مجرد استهلاك إعلامي أفضى إلى انحسار وضبابية وتراجع، فإذا كان هكذا حال السيّد، فكيف يكون حال التابع أو العميل؟.
إذن، لا يمكن أن تكون الشرعية لعبة وأهواء. فهي مصير وطن وإرادة شعب، ليس مصدرها الفنادق والمطارات. فالأوطان ليست جواز سفر كما أكد القائد الأسد أكثر من مرة. الشرعية هي صمود ووعي وأصالة وانتماء. فلننظر إلى أين وصلت الأحداث في الدول التي تقررت الشرعيّة فيها بالغرب والخليج «البترودولار»؟!، حيث فهم الشرعية مقترن بتقويض نتائج حركة النهضة والتحرر والاستقلال الوطني.
لذلك يُدخِل اليوم صمود محور المقاومة دولَ البترودولار في متاهات متجددة، ويدخُل معها  العملاء والمقامرون الذين صاروا نواة المجاميع الإرهابية متعددة الأنماط والمسميّات، ومنها مايُسمّى ضحكاً على اللحى «معارضة معتدلة» التي تؤكّد بنفسها ولنفسها قبل الآخرين أنها ليست، ولن تكون معارضة وطنية، بل هي ضد الدولة الوطنية قبل أن تكون ضد النظام السياسي، وهذا شرط تكوينها ودعمها.
فكفى ضياعاً ولعباً على الحبال بين الحل السياسي والعسكري، وازدواجية وبهلوانية بين عروض الشرعية ومحاربة الإرهاب. فبعض الذين يتاجرون الآن بالحل السياسي هم الذين أشعلوا النار بداية.
وإنها لدعوة، ونصيحة صدوق «للأشقاء» إلى وعي التفاهمات الدولية الواعدة «المبادرات»، ليبادروا إلى لملمة الجراح قبل أن تُفرض عليهم منجزات الصمود العربي السوري التي هي أساس هذه التفاهمات.
د. عبد اللطيف عمران