مساحة حرة

رسائل القوة.. ومعادلة النصر

بينما كان السيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية العربية السورية يُلقي كلمته الهامة أمام مجلس الشعب الجديد في دورته التشريعية الثانية، كانت بواسل الجيش العربي السوري تخط طريقها بقوة متجهةً إلى منطقة الطبقة في معارك نوعية تواجه بها قوى الإرهاب العالمي المدعومة امريكياً وإقليمياً، وتسير المعارك وفق ما هو مخطط لها بدقة، حيث تتقدم القوات السورية وحلفاؤها نحو مدينة الرقة المعقل الأساسي لتنظيم داعش الإرهابي، ليكون تحرير الرقة عنواناً كبيراَ لقرار الحسم الذي تم اتخاذه على اعلى مستوى من اجل تحرير كامل التراب السوري من التنظيمات الإرهابية والقضاء عليها وفي مقدمتها تنظيم داعش وجبهة النصرة ومن لف لفيفهم، وتمهيد الطريق أمام مشروع المصالحة الوطنية الكبرى واطلاق العملية السياسية التي تُنهي الحرب على سورية وتُعيد بناء الدولة وفق مشروع وطني علماني حضاري متكامل يتوافق مع القرار الدولي 2254 والتفاهمات الدولية الأخرى، تشارك به كافة القوى السياسية والاقتصادية الوطنية ويُتوج بإعادة إعمار سورية الجديدة المختلفة كلياً عما قبل وتمحي آثار الحرب النفسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية .

جاءت رسائل السيد الرئيس بشار الأسد في كلمته أمام مجلس الشعب شاملة تحمل رسائل مختلفة الاتجاهات تمتلك من القوة والثبات ما يجعلها تُحدد معادلة النصر القادم بهمة وجهود القوات المسلحة السورية وحلفائها المباركة، وموجهة بدرجة أساسية إلى خصوم سورية وخاصة البلطجية أصحاب الفكر العثماني المتخلف الذين يرسمون أوهامهم خارج سياق المنطق وبعيداً عن الواقع ومعطياته على الأرض، معلناً سيادته من جديد تمسك القيادة السورية بالثوابت الوطنية التي كانت  وستبقى رمز الصمود السوري ومصدر المواجهة الدائمة لكل قوى الغدر والخيانة، وهي تُبنى على رفض أي فكرة أو مقترح يتضمن العبث بوحدة سورية الشعب والجغرافية والجيش، ومحذراً في الوقت نفسه من محاولة البعض ” من أي جهة كانت ” اللعب على وتر التنوع المذهبي الذي يُميز سورية، ويُعطيها طابع التميز في المنطقة، رافضاً بقوة استخدامه في ضرب الوحدة الوطنية وتحويله إلى مشروع سياسي انفصالي هدام، كما حصل في بعض دول الجوار .

ربما وقع بعض المحللين والمتابعين للخطاب في هفوة التعبير عن الرسائل، نقول لهؤلاء الذين لم يأخذوا بعين الاعتبار خاتمة السيد الرئيس التي أشار من خلالها إلى انه لا يوجد خلاف مع الحلفاء حول القضايا الاستراتيجية مطمئناً الشعب السوري من خلال ممثليه بأن المعركة مستمرة حتى تحقيق النصر الشامل وتحرير كامل التراب السوري من التنظيمات الإرهابية .

فالعلاقة مع الحلفاء الروس والإيرانيين والصين والمقاومة اللبنانية مبنية على تحالف استراتيجي مؤسس لعلاقات احترام متبادل وصيانة للحقوق والمصالح المشتركة بما يخدم مستقبل شعوب تلك الدول والعالم، سيما وان القيادتين الروسية والصينية يكبحون جماح القوى العظمى الاستعمارية ويقفون في وجه تجاوز القانون الدولي وهذا مصدر اطمئنان لشعوب الدول الصغيرة وانقلاب جوهري في العلاقات الدولية لصالح الشعوب المستضعفة .

في واقع الأمر نرى أن خطاب السيد الرئيس بشار الأسد أمام مجلس الشعب الجديد حمل في طياته برنامج عمل وطني شامل متعدد الجوانب على كافة المستويات الداخلية والخارجية الاقليمية والدولية وسمى الأشياء بأسمائها الحقيقية، كما وضع أعضاء مجلس الشعب الجديد والحكومة المقبلة أمام مهامها المنوطة بها ومسؤولياتها المتوجبة، مؤكداً سيادته على دورها الخلاق في خدمة الاقتصاد الوطني ودعم العملة الوطنية والحد من الفساد والهدر ودعم الكفاءات الوطنية المبدعة لتقوم بدورها المنتظر في إعادة الإعمار، والدور الهام في تحقيق المصالحات الوطنية الواسعة على ساحة الوطن .

 

محمد عبد الكريم مصطفى

Email: Mohamad.a.mustafa@Gmail.com

8 / 6 / 2016