محليات

الطوائف المسيحية في سورية تقيم القداديس احتفاء برأس السنة الميلادية

أقامت الطوائف المسيحية في سورية اليوم القداديس والصلوات احتفاء برأس السنة الميلادية الجديدة.

ففي الكاتدرائية المريمية للروم الأرثوذكس بدمشق أقيم قداس إلهي كبير بهذه المناسبة ترأسه غبطة البطريرك يوحنا العاشر يازجي بطريرك انطاكية وسائر المشرق للروم الارثوذكس وعاونه لفيف من الأساقفة والكهنة وجوقة الكاتدرائية.

ودعا البطريرك يازجي إلى “الحوار والسلام وبناء سورية” وقال.. “هذا البلد سيبقى واحدا موحدا وستعود الى احضانه كل أراضيه كما عادت حلب” مشيرا إلى ضرورة أن “نبدأ العام الجديد بالصلاة والمحبة والتواضع ونجدد العهد مع الله بأن نكون له وحده ونتسربل أجنحة الرجاء وسط كل ضيق وشدة”.

وأكد البطريرك يازجي أهمية التمثل بالمعاني السامية لميلاد السيد المسيح رسول المحبة والسلام والتأسي بدعوته للتواضع ولخدمة الناس ولأن “يفتح كل إنسان مغارة قلبه ليدخل طفل المغارة ويضطجع في كل ثنايا كيانه”.

وقال البطريرك يازجي.. “يطل العام الجديد وسورية الجريحة تدخل عامها السادس من الأزمة ونحن ندفع من دماء أبنائنا ليبقى الوطن حيث انصبت كل حمم الإرهاب وكل شظايا التكفير على أرضنا وهي الغريبة عنها ولذلك يكفينا دما ويكفينا خرابا” لافتا إلى “أهمية تعزيز جهود المصالحة وتمتين أسس العيش الواحد”.

ودعا البطريرك يازجي القوى الكبرى إلى المبادرة لرفع الحصار الاقتصادي الخانق الذي يحرم الشعب السوري من لقمة العيش بينما لا يحميهم من وابل القذائف التي يطلقها الإرهابيون والتي تنهال على رؤوس اللآمنين لأن “سوق السلاح مفتوحة على مصراعيها”.

ورأى البطريرك يازجي “إن ما تشهده المنطقة يدعو الجميع إلى وقفة حق وتأمل فكفانا إرهابا وكفانا دماء” مضيفا.. إن “المسيحيين في هذا الشرق ندفع كغيرنا ضريبة ما يجري ونحن هنا لنسمع الصوت من جديد.. ونحن أخوة التاريخ والجغرافيا مع مسلمي هذا الشرق ومع كل أطيافه ومكوناته”.

وأعاد البطريرك يازجي تذكير العالم وكل المنظمات والحكومات بقضية مطراني حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي المخطوفين من قبل التنظيمات الإرهابية بريف حلب منذ ما يقارب ثلاث سنين ونصف التي تختصر شيئا من معاناة المسيحيين المشرقيين داعيا الجميع إلى “التحرك والنظر في هذا الملف الإنساني والعمل الجاد على إطلاقهما مع كل المخطوفين”.

وتوجه البطريرك يازجي في ختام كلمته بالدعاء إلى الله تعالى أن يحفظ سورية وشعبها وجيشها وقائدها السيد الرئيس بشار الأسد وأن يحفظ أيضا لبنان والعراق ومصر.

من جانبه أكد سماحة المفتي العام للجمهورية الدكتور أحمد بدر الدين حسون أن سورية كانت وستبقى أرض المحبة والسلام والتعايش بين جميع مكونات الشعب مشيرا إلى أن الدفاع عن هذه القيم هو أكبر رد على من يحمل السلاح ويقتل ويدمر الوطن.

ورأى المفتي حسون خلال كلمة له أن سورية وإعلامها الذي كان في الكنيسة والمسجد والمشفى والمدرسة وقائدها الذي كان مع الأيتام في الأسبوع الماضي في دير يطعمهم بيده ويفاكههم بحديثه ويبتسم لهم بحواره “هي سورية التي شيطنوها في إعلامهم لكن أرادها الله نورا في عطائه ومجده”.

وقال المفتي حسون.. “إنه في يوم الميلاد سطعت البشارة وجعلت الناس يعيشون في سلام” مشيرا إلى أن “مساجدنا وكنائسنا كانت دائما لكل

البشر”.

ولفت المفتي حسون إلى أن الدول الداعمة للإرهاب أرادت تدمير سورية لأنها رفضت التخلي عن فلسطين وتسليمها لأعداء الأمة العربية وقال.. “هذه سورية تقول لفلسطين كل شهدائنا الذين استشهدوا خلال السنوات الست على أرض الوطن إنما أعددناهم لك يا فلسطين”.

وأضاف المفتي حسون.. “نبدأ عاما جديدا ونقول للعالم إن التاريخ عندنا محبة وسلام وعطاء وسورية اليوم تبدأ عامها الجديد بوقف إلاعمال القتالية لذا ندعو أبناءنا للعودة إلى الأمان واستثمار هذا السلام” كما نقول لمن جاء من خارج سورية.. “عودوا إلى بلدانكم فسورية ترابها طهر وماؤها شفاء وسماؤها نور وضياء وشعبها محبة وإخاء فإن أردتم أن تغيروا من سورية فلن تستطيعوا أبدا لأن الله اختارها لكل الأنبياء ولكل الأصفياء”.

وأكد المفتي حسون أن من حمل السلاح في سورية ليقتل أبناءها ويدمر كنائسها ومساجدها بعيد كل البعد عن نبي السلام يسوع ونبي الرحمة محمد وأنه عدو لهما وعدو للإنسانية جمعاء مبينا أن “هدم المساجد والكنائس أهون عند الله من قتل الإنسان”.

من جانبه أكد رئيس وفد الكنيسة الأنغليكانية الاسترالية القس ديفيد سميث أن رؤيته للمفتي حسون وحضور علماء الدين الإسلامي لقداس عيد رأس السنة الميلادية في الكاتدرائية المريمية اليوم “أمر غير مألوف في كنائس بلاده وأنه شيء عظيم جدا أن يرى الناس المؤمنين من أديان مختلفة مع بعضهم في مواجهة الإرهاب العالمي الذي يهاجم سورية”.

ولفت سميث إلى أنه إن أمكن حدوث مثل هذا التعاون في أوروبا وأمريكا واستراليا فربما سيكون هناك سلام أفضل في العالم مما هو عليه الآن مشيرا إلى أنه “سينقل حقيقة ما شاهده في سورية من تسامح وأخوة وعيش مشترك بين أبنائها المسلمين والمسيحيين ورؤيته أن النور في سورية يفوق الظلمة وأنه سيعمل على تعميم هذا النموذج من العيش”.

وأوضح سميث أن الكنيسة ستلعب دورا أكبر عندما تنضم الأيدي معا لإعادة بناء سورية.

كما أقيمت القداديس والاحتفالات في المحافظات برأس السنة الميلادية الجديدة ودعت الكلمات التي ألقيت بهذه المناسبة إلى العمل لتجسيد

الإيمان الذي أراده السيد المسيح ونشر المحبة وروح التآخي بين أبناء الوطن لما فيه الخير والسلام للجميع وتوجه رجال الدين في ختام عظاتهم إلى الله بالدعاء أن يرعى سورية وشعبها وجيشها وقائدها الرئيس بشار الأسد وأن تبقى وطن المحبة وأرض الرسالات السماوية ومهد الحضارات الإنسانية التي أضاءت العالم بنورها.