ثقافة وفن

في ذكرى غياب ناجي العلي: (حنظلة لن يموت)

مع الأيام الأخيرة من شهر آب، تمرّ ذكرى استشهاد فنان الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، الذي اغتيل في لندن ( آب -1987). ناجي سفير المنافي بامتياز شُرد من فلسطين وعمره لا يزيد على عشرة سنوات، أقام هو وعائلته في ( عين الحلوة – صيدا ). هو رسام كاريكاتير فلسطيني، تميز بالنقد اللاذع في رسومه، ويعتبر من أهم الفنانين الفلسطينيين، له أربعون ألف رسم كاريكاتيري .

يقول ناجي العلي، على لسان حنظلة :” أنا إنسان عربي فقط،اسمي حنظلة اسم أبي مش ضروري، أمي اسمها نكبة، نمرة رجلي لا أعرف لأني دائما حافٍ ولدت في 5 حزيران 1967 اللي بدو يكتب عن فلسطين واللي بدو يرسم لفلسطين، بدو يعرف حالو ميت، أنا مش ممكن أتخلى عن مبادئي، ولو على قطع رقبتي، ياعمي لو قطعوا أصابع يدي سأرسم بأصابع رجلي، .. حنظلة هذا المخلوق الذي ابتدعته لن ينتهي من بعدي بالتأكيد وربما لا أبالغ إذ قلت إنني أستمرُّ به بعد موتي .” في بداياته الفنية كان الفنان ناجي، يرسم أعماله الكاريكاتيرية على جدران المخيم، ومن ثم ران الزنزانات، اكتشفه الأديب غسان كنفاني، ودعاه إلى العمل في مجلة الحرية، ومن بعد ذلك انتقل إلى الكويت (رساماً في مجلة الطليعة)، ثم عاد إلى بيروت ليعمل في جريدة السفير، وشهد حصار بيروت وأبدع في رسمه، فيما بعد قرّرت السلطات اللبنانية تشريد المشاغب الجميل ناجي

“ناجي العلي خبزّنا اليومي” تحت هذا العنوان قال عنه الشاعر محمود درويش: خط خطان ثلاثة، ويعطينا مفكرة الوجع البشري، مخيف ورائع هذا الصعلوك الذي يصطاد الحقيقة بمهارة نادرة، كأنه يعيد انتصار الضحية في أوج ذبحها وصمتها ودائماً أتساءل من دله إلى هذا العدد الكبير من الأعداء الذين ينهمرون من كل الجهات ومن كل الأيام، ومن تحت الجلد أحياناً .. إنسانيته المرهفة تدله، الإنسان الظاهر فيه أشد حساسية من رادار معقد يسجّل بوضوح ساطع كل مخالفة تعتدي أو تحاول الاعتداء و إنه الحدس والتجربة المأساوية ، فلسطيني واسع القلب ضيق المكان سريع الصراخ، وطافح بالطعنات في صمته تحوّلات المخيم .. احذروا ناجي فإن الكرة الأرضية عنده صليب دائري الشكل،والكون عنده أصغر من فلسطين ”

طلال سلمان قال عنه: “ناجي العلي هو الاسم الحركي لفلسطين، هو الشجرة وابنها، ظلها وجذورها، الفارس قي الطين يشد البحر إلى البحر، ويربط المشرق بالمغرب بشرايينه، فهؤلاء هم أهله..، هو ابن النكبة .. الحالم بنصر لابد أن يأتي، وهو المحرض الدائم والمشاغب المستقوي بالحلم على الواقع المر، ومن هنا تكتسب لهجته – ريشته – تلك النكهة الساخرة حتى لتنخر العظام نخراً”.

الشاعر سميح القاسم قال عنه: “إنه الظاهرة الأكثر سخونة وإرباكاً في فن الكاريكاتير العربي على امتداد العقود الخمسة الأخيرة، وإنه خرج من دائرة الانتماء القومي فالإنساني الكوني”.

البعث ميديا || أحمد عساف