الفنان الضوئي نزار بدور.. قنّاص الحزن الجميل
على خطى أيامه يسير نحو الجهات التي تنتظره، في أقصى حدود الروح وأيسر القلب، متأبطا حبيبته التي لم تخذله، ولم تكن عصية على الوجد المتبادل فيما بينهما إنها (كاميراه) التي بادلته العشق بالعشق ونبض الحنين، يتأبطها كما يتأبط العاشق الولهان معشوقته الأبدية ويلتصقان بكل حميمية ووجد، كجسد واحد، كظل واحد.
أجزم أن على حصى أيامه يمضي صوب الحياة بكل مكوناتها، إلى الحياة بكل مكوناتها بكل تناقضاتها، بكل جنونها وعقلانيتها، كأنه مهر البراري يمتطي الريح ويطلق لعينيه كل ذاك السخاء من مد البصر، وهو الموغل بكينونة البصر والبصيرة، والعارف بسرمدية اللحظة، هو العارف تماما لما يريد لذلك سأجد ذاتي اكتب عن فنان غير عادي، فنان يدفعك للوقوف مطولا أمام إبداعاته، ومن ثم تبتسم بأسى أو بمرارة ولربما تدمع عينك، على وجه الخصوص مع وجوه الأطفال السوريين المهجرين، لكن قبل ذلك بقليل سأقول إني من المعجبين بفن نزار بدور ( الطبيب ) على اللوحة وعلى العدسة في كلا الحالتين أنا معجب بأعمال نزار الضوئية كثيرا نظرا لما تحمله من خصوصية، ومن اشتغالات خاصة وتقنينات مرت طويلا بمخبره الفني، ومن ثم بعقله وبعاطفته وبمحبته لفنه، قبل أن يطلقها للضوء ولبوح الروح ولجدران القلب، ولنا نحن الذين انبهرنا بإبداعاته، منذ أن أدركنا متعة بصرية آسرة تضاف لجماليات نزار بدور.
أعمال الفنان نزار بدور الضوئية هي ليست استراحة محارب، وليست استرخاء في رواق يطل على امرأة عابرة، ولا على جدة أهملها الهواء. هي لحظة وجود، يستعد فيها الفنان نزار مثلما يستعد صياد أنيق للحظة يود الإطباق عليها فيحبس أنفاسه، ويتحلى بصبر جميل، وأناقة ليطلق قبلة، وليس قنبلة اتجاه من أحبها، وحين ذاك سينتهي المشهد بكثير من الدهشة والمحبة والإعجاب، وستكون تلك القبلة، رفت جناح أو غمزة أو فلاش مُبهج ليهطل على أرواحنا أعذب المطر.
ثمة ميزة وخصوصية تميز تجربة الفنان نزار بدور الفنية، انه وباشتغالاته، على إفرازات وإحالات وهبات الفصول والحياة لفترة ما من عمر الزمان على اللوحة (قماش وزيت… وتقنينات متعددة) أظن انه أفاد من ذلك الكثير من حيث تفكيك اللون وتقنيات الفرز اللوني، والاشتغال على (الباغ راوند) وسيمياء الأفق في صميم الكادر، وسينوغرافيا اللوحة الفنية التصويرية، وتلك العين الثاقبة التي يمتلكها عين نسر يعرف مايريد، وصقر حاذق يتمتع بصبر يعجز أمهر الصيادة عن امتلاكه.
ميزة أعمال الفنان نزار بدور هي تلك الشيفرة الموغلة في الخصوصية، لنقل على سبيل المثال التضادات الموغلة في الوحشة بين القفل والمفتاح والباب، هذا الثالوث العصي على الفهم أوعلى فك تلك الشيفرة، أبواب أكل الصدأ منها ما لذ له وما طاب، خشب ومعدن انفك، انحل عقد الصداقة عنهما في لحظة غدر، القفل ضل أمينا لسر من أوصده، كذلك أمينا لنومه الأبدي، الخشب ربما كان الضحية، بفعل قسوة ظروف الطبيعة، هل أراد أن يقول لنا الفنان نزار أن الحياة جملة تضادات تصالحوا معها، أو كونوا كما تريدون، بالانتقال للموضوع الأهم في الراهن السوري، سنجد أن الفنان نزار تألق في تصوير لحظات مأسوية من حياة أطفال من سورية هجرتهم الحرب القذرة وشتتهم المدن وزحام الوقت والحياة، وأعطتهم كاميرته ابتسامة أمل سنجد أيضا إشراقة الأمل السوري حين الوردة تشق طريقها مع أغصانها من بين الحديد، ومن أخاديد الأرض لترمي على البشرية السلام. أبواب ونوافذ، وأطفال شتتهم جبهات الحرب، أطفال منذورة عيونهم لقادمات الأيام،أطفال ترنو أرواحهم لنافذة أمل. قلوب أينعت كمثرى وشقائق نعمان معلقة على ستائر النسيان. وكثير من لهفة الانتظار لإبداعات الفنان الدكتور نزار بدور.
البعث ميديا || خاص : أحمد عساف
الفنان نزار بدور شغاف ومبدع يخلق عالم جميل من واقع بأس
افتخر اني أعرف الدكتور نزار عن قرب
وشكرا للمقال