الشريط الاخباريسلايدسورية

جفا لـ”البعث ميديا”: عملية ريف إدلب أسقطت تفاهمات أستانا مرحليا وهناك احتمالين لرد الفعل التركي

تتواصل العملية العسكرية للجيش العربي السوري وحلفائه في ريف ادلب الجنوبي، وريف حلب الجنوبي، فاتحة بذلك مرحلة جديدة من تطهير الأرض السورية من المجموعات الإرهابية التكفيرية، ولكن السؤال المطروح هو إلى أين سيذهب الجيش في عمليته العسكرية، هل ستنتهي تفاهمات أستانة والتي جعلت من ادلب منطقة خفض تصعيد بتوافق الضامنين.

“البعث ميديا” وللحديث عن آخر التطورات الميدانية التقى المحلل الاستراتيجي الدكتور كمال جفا الذي قال: إدلب هي الجبهة الأهم عسكرياً وسياسياً، والمساحة الأكبر المتبقية على كامل التراب السوري خارج سيطرة الدولة، وهي منطقة صراع إقليمي الجميع يعمل على عدم المساس بمكاسبه الميدانية فيها، والتي تحوي فصائل قتالية راديكالية متشددة رفض قادتها التسويات في معظم الأراضي السورية وانتقلت إلى إدلب مع عائلاتهم، عدا عن المكونات الجهادية العالمية الأكثر تدريباً وتسليحاً، وخبرة قتالية متراكمة عبر خمس سنوات من القتالي المستمر مع وحدات الجيش العربي السوري على كامل الشمال السوري وضمن محافظة  الأكبر اتساعا وكثافة سكانية والأكثر ثراء بالبنية التحتية والمعامل التي سيطرت عليها هذه الفصائل عدا عن الدعم المالي والعسكري المفتوح من كل دول العالم عبر تركيا بعد إسقاط كامل الحدود الشمالية مع تركيا.

أقسى الجبهات

ويضيف جفا: لم يتوقع أكثر المتفائلين من القادة الميدانيين أو المحللين أو المخططين العسكريين أن يتم كسر العمود الفقري لهذه الفصائل في أقسى الجبهات وأكثرها قوة وتنظيم وخاصة مع وجود قطاع البادية التابع لجبهة النصرة وكثيرين منهم من أبناء الريف الشرقي لإدلب وحماه ..

وكانت النتيجة تقدم سريع للقوات ومفاجئ واضطراب وسوء تنسيق وخلافات بين قادة المجموعات خاصة بعد الصراع الدامي الذي خاضته النصرة مع شركائها في كامل المحافظة  مع حملات التخوين والتصفيات التي رافقت خرائط أستانه 6 ومحاولة تركيا تهجين بعض قادة الفصائل وعملية التشذيب التي خضعت لها النصرة لتغير واجهتها المتشددة وإدخالها في مسارات التسوية,

وبين الدكتور جفا أن جملة من التطورات الميدانية السياسية داخلياً وخارجياً  انعكست إيجابيا على مسار العمليات العسكرية في ريف ادلب الشرقي  وريف حماه الشمالي حيث استطاعت القيادة السورية الاستفادة من حرب الإلغاء التي قادتها النصرة ضد بعض الفصائل القوية في ادلب والمحسوبة على الأخوان المسلمين مثل أحرار الشام وفيلق الشام وجيش العزة وصدام الأدوات السعودية والقطرية مع بعضها البعض .

نقطة الإنطلاق

كما وشكل هجوم النصرة وحلفائها على أبو دالي علامة فارقة في تفاقم الخلافات الروسية التركية وخاصة بعد إقحام تركيا أهم وأقوى فصيلين على الأرض السورية هما الحزب الإسلامي التركستاني وأجناد القوقاز وجيش المجاهدين .

وعليه فالجيش السوري أختار أصعب المحاور وأشرسها وهو قطاع البادية التابع لجبهة النصرة  بجبهة متواجد فيها بعض المتسللين من داعش من محور عقيربات الذين حاولوا إيجاد موطىء قدم لهم في محافظة ادلب على حساب النصرة حيث ترك الجيش السوري هذه الفصائل تتصارع في مثلث الشيخ هلال وادي العزيب أدى الى خسائر فاقت 800 مقاتل من الجانبين بالإضافة الى انضمام عشرات العناصر ممن شملتهم حرب الإلغاء للنصرة من جند الأقصى من أبناء العشائر العربية في المنطقة, مع انطلاق هذه المعارك الضارية والدامية التي خاضتها هذه الفصائل مع بعضها، اختار الجيش العربي السورية ساعة صفره للبدء بعملية عسكرية على محور أبو دالي مع حملة جوية هي الأعنف في تاريخ ادلب والأكثر كثافة ودقه مع إدخال القذفات الإستراتيجية الروسية في ضرب المناطق الحمراء التي حددتها تركيا لنفسها وهي كل الشريط الحدودي التركي السوري مابين خربة الجوز وجبال التركمان .

اختيار الجيش السوري هذه الجبهات المفتوحة مع البنية التحتية المعدومة في قرى من الطين متبعثرة أفقد النصرة أهم سلاح لديها وهو صواريخ التاو المتطورة والسيارات المفخخة بسبب نشر عشرات قواعد ال م . د من قبل الجيش وحلفائها عدا عن قتال الكر والفر والتراجعي أحيانا سمح لآليات النصرة وحلفائها بالظهور على شاشات الطائرات الحربية الروسية مما وسع أعداد الآليات المدمرة وفقدان العشرات منها مما جعل جنود النصرة أهداف سهلة الاصطياد لمجموعات القناصة في الجيش السوري وحلفائه .

استنزاف مدروس

ويتابع الدكتور جفا إن عملية الاستنزاف المدروسة للخصم ومحاولة سحب النصرة الى سهول وصحراء لا تتوافر فيها تضاريس جغرافية تساعد على الاختباء  ودخول الحوامات الروسية المتطورة الصياد الليلي في وضعية التعامل المباشر بالعين المجردة للأهداف مع ضعف التحصينات المتواجدة في قرى متبعثرة كان احد أهم الامتيازات العسكرية للجيش السوري .

إضافة إلى الغزارة النارية الصاروخية والجوية هي الأضخم التي تشهدها جبهات القتال في إدلب أفقد هذه التنظيمات قدرتها على التحكم والمناورة وزاد من عدد قتلى قادتها والخلافات التي انفجرت بين القادة المحليين والأجانب وانحلال البيئة الحاضنة وحركة النزوح الكبيرة للسكان وإفراغ القرى من المدنيين اوجد متسع للمناورة للجيش السوري بتوسيع مروحة الاستهدافات وتعريض الجبهات القتالية وهو الأسلوب الأكثر إيلاما لهذه المجموعات التي تعودت على كسب حروبها بالعمليات العسكرية  السريعة الخاطفة التي تدفع  فيها قوات النخبة بعد تمهيد ناري كثيف جدا يتبعه عدة سيارات مفخخة ومجموعات انغماسية بعد كل تفجير كان يستهدف الجبهة الأضعف  للجيش السوري وحلفائه بعدها يتم  دفع أعداد ضخمة من المشاة وبهجمات متلاحقة  ترهق الخصم وتؤدي إلى إفقاد القوات المدافعة عن الموقع قدرتها على المجابهة وبالتالي انهيارها بالكامل و استسلام المقاتلين أو الانسحاب في أفضل الأحوال وهذا الأسلوب هو الذي أكسبها معاركها هذه الفصائل خلال السنوات الخمس في محافظة ادلب وأريافها  .

والأمر الأهم برأي هو فائض القوات الذي نتج عن انتهاء معظم معارك الريف الشرقي من سورية والإنجازات الكبيرة للجيش السوري على داعش اوجد إحباطا كبيراً لدى كل مقاتلي محافظة ادلب وتيقنا بأن الجيش إن اتخذ قرار الدخول في معارك حسم مع ادلب فسوف يحقق نصراً كاسحاً وسريعاً

ظروف إقليمية مواتية

وبالتالي فالتوقيت سليم استند إلى ظروف إقليمية مواتية مع تصاعد الخلافات التركية الروسية وإصرار سورية على مبادئ أساسية لا تسمح له بالدخول مع تركيا لضرب مكون أساسي سوري وإصرار سوري على حضور المكونات الكردية هو سبب تفجير الخلافات بين أطراف أستانة

كما أن العمليات في إدلب تنطوي على رسالة روسية ورد عنيف على تجاوز الخطوط الحمر المتفق عليها مع تركيا والتي تجسدت بثلاث أمور :

أولاً: عبر استهداف مطار حميم من قبل الحزب الإسلامي التركستاني في المرة الأولى بصواريخ بعيدة يفوق مداها 60 كم وتصدي الدفاعات الروسية لها وإسقاطها.

وثانياً: إعادة استهداف المطار بسرب من الطائرات المسيرة المتطور من منطقة جبل التركمان لاستهداف القاعدة البحرية الروسية في طرطوس ومطار حميم .

وثالثاً: إسقاط المعارضة لطائرة سورية عبر صاروخ حراري صيني مما دفع الروس ا

إلى اعتبار أن تركيا تجاوزت كل الخطوط الحمر التي تم الاتفاق عليها بين الدولتين.

ويضيف جفا اعتقد أن تفاهمات أستانا سقطت مرحليا لكن تركيا تميزت بقدرة هائلة على الدوران وهناك احتمالين لردات الفعل التركي ..

منها أن تقوم تركيا بعملية عسكرية ضد عفرين وهذا سيدفها إلى جرها لمستنقع  تستطيع توقيت دخولها فيه لكن لا تستطيع تحديد توقيت خروجها منه

وقد يؤدي ذلك إلى انتقال عدوى الاضطرابات إلى مناطق أخرى مابين الأكراد والجيش التركي وحتى إمكانية تفجر الوضع الداخلي التركي أو أن تركيا ستكفي بالحشد والتهويل  للحصول على تنازلات عبر روسيا غير مضمون موافقة سورية عليها .

وربما قد تقدم تركيا على إدخال قوات إلى ادلب لمحاولة وضع خطوط حمراء جديدة وخرائط محدثة عما اتفق عليه في أستانة 6 مع لحظ المكاسب والانتصارات التي حققها الجيش وحلفائه وهذه التطورات ستضع قوات اشتباك جديدة وخرائط جديدة في ادلب .

أخيراً إن تحرير أكثر من  ثلث مساحة ريف ادلب وريف حلب والتي تفوق 9500 كم2 وحشر الفصائل، وما أكثرها وتنوعها في مساحات جديدة مع تشكيل عبء إضافي على المنظمات المحلية في تأمين إقامة 350 ألف مدني إضافي، ما سيؤدي إلى انفجار المكونات المحلية والانتفاض على هذه التنظيمات كما سيؤدي إلى إجبار تركيا على القبول بنتائج ميداني تعكس مخططات جديدة أفرزها الوصل إلى أبو الضهور ومنع التمدد التركي نحو جنوب ادلب وغرب حلب , والأيام القادمة وسوتشي القادم إن عقد هو مرحلة مفصلية قادمة قد تؤدي إلى تفاهمات وتهدئة أو جولة جديدة من العمليات القتالية.. سورية وحلفائها مستعدين لخوضها.

البعث ميديا || خاص – سنان حس