ثقافة وفن

مسلسل “الواق واق” يتألق بالشارة

كاظم الساهر، فنان معروف ومحبوب في الشارع العربي، ولكن ليس بناء على الأغنيات التي استعمل فيها أشعار الشاعر السوري “نزار قباني”، مثل (قولي أحبك، علمني حبك، أني خيرتك فاختاري)، وغيرها من قصائد شاعر الياسمين، بل بسبب، أغانيه الأولى الأصيلة “مثل (شلون أودعك يا العزيز-عبرت الشط على مودك)، وغيرها مما كان من كتابة شاعر القصيدة المحكية العراقية “عزيز الرسام”؛ أغاني كاظم الساهر التي تعتمد على كلمات نزار، كانت ركيكة اللحن، مقارنة بالكلمات الجميلة، لا بد لأي “سمّيع” أن يشعر بركاكتها، وذلك عندما يقارنها، بكلمات لنفس الشاعر، قام بتلحينها المصريون، مثل “أيظن-رسالة من تحت الماء-قارئة الفنجان-  ولكنها على العموم أغاني عاطفية تتناول الحب، حققت لصاحبها نجومية عالية، وهي نجومية، أصبحت اليوم وسيلة للترويج لبعض الأعمال الدرامية التلفزيونية، منها –مدرسة الحب-، وأيضا المسلسل الشهير قبل عرضه: الواق الواق”

فلقد صدرت مؤخرا شارة مسلسل “الواق الواق” وإذا صحت الأنباء، أن المسلسل، لم يُبع بعد، فذلك لا يعني مشكلة كبيرة للجمهور، لأنه بات يعرف القصة بطبيعة الحال، من كثرة المؤتمرات الصحفية والمقابلات العابرة للقارات عبر السكايب، والدخول في نقاشات مع الجمهور حول الشخصيات، من تشبه، ومن لا تشبه.

شارة العمل عبارة عن -فيديو كليب- بصوت النجم “كاظم الساهر” وقد كلف لوحده 150 ألف دولار، 120 ألف دولار، للمطرب لوحده، والباقي للعمليات الفنية الأخرى، يظهر فيه مشاهد لغرقى على طريقة إخراج رسوم الكرتون، وبهذه الطريقة يوفر الكاتب والمخرج على نفسيهما، عناء إقناع الجمهور في بداية القصة وذلك بسبب ضعف منطقية الأحداث في بداية العمل، فالجزيرة الغير مأهولة أين تقع؟ وكيف يمكن افتراض ظروف قد تحدث، في زمن السفينة البخارية والتلغرام، وليس الآن؟، هل هي ليست في البحر المتوسط؟، إذا افترضنا أنها في المحيط الهادي أو الهندي، فلم نسمع عن حوادث غرق أصابت السوريين هناك، يبقى البحر المتوسط الذي يحفل بكل اساطيل واستخبارات العالم، وحتى إذا افترضنا أن الجزيرة المتوسطية غير مأهولة، فإن كل سمكة في هذا البحر تحت المراقبة، وخصوصا في زمن الحرب، التي القصة كلها أحد تفاصيلها.

صوت كاظم الساهر، وشهرته، سوف تضفي مزيدا من الأهمية على العمل، ولكن يخشى فقط، بسبب اعتياد أذن الجمهور العربي، على صوت كاظم في موضوعات الحب، يُخشى أن لا يؤدي هذا الاختيار غرضه، فهناك تناقض بين إيحاءات الصوت المألوف بالأغاني الرومانسية، و أحداث الحكاية، وإن كانت الكلمات تقترب من مضمونها، غير أن الأذن لها ما تآلف.

يظهر أيضا في الشارة – الفيديو كليب- الكثير من الشخصيات، وهم يغرقون، ويقومون بأفعال أخرى،  ومن ابرزها شخصية القبطان المأخوذة عن شخصية “نامق” –عدنان ولينا-، وشخصية الجنرال الذي يخسر حروبا عديدة، في رمزيتها ودلالتها كتعبير عن الزعيم العربي؛ في فيلم “البداية”1986، -لينين الرملي-صلاح أبو سيف- وهو الأصل الدرامي لمسلسل “الواق واق”، الشخصيات تنجو في النهاية وتغادر الجزيرة، باستثناء صاحب السلطة، الذي امتلكها لحيازته على مسدس، هنا تتمثل إضافة الكاتب على القصة التي تحكي في الفيلم الأساس، حكاية مجموعة بشرية سقطت بهم طائرة في واحة صحراء مصر، بينهم الفلاح والعامل والمثقف والعالم ورجل الأعمال الانتهازي الذي يفرض سلطة على موارد الواحة ممارسا حكما شموليا على هذه المجموعة من البشر مرتكزا على سلاحه وذكائه وجبروته، تتمثل هذه الإضافة الإبداعية في جعله جنرالا، أو في جعله قائدا لسفينة، فالجمهور إذا بات يعرف القصة بحذافيرها، والنهاية واضحة، لأنها يجب، إما أن تُشبه الفيلم المقتبسة عنه، في أن يبقى على الجزيرة صاحب السلطة، أو أن تشبه قصة “جزيرة الكنز” عندما بقي على الجزيرة اثنان لم يلحقا في السفينة، يجب أن يبقى أحد ما، وإلا  سوف تظهر فكرة -الجزيرة-ككمان للأحداث، ضعيفة، لأن الكاتب عندئذ سيبدو قد استعمل الجزيرة مؤقتا، وعندها سوف يُضطر إلى تبيان ماذا وقع مع الشخصيات، بعد أن نجوا من التجربة، وهو في غنى عن ذلك، لأن القصة في هذه الحالة، سوف تحتاج أماكن تصوير غير الجزيرة، وذلك سوف يزعج رحلة الاستجمام التي بسببها، قام فريق التصوير باجتراح العمل، ومعهم فريق من الصحفيين؛ القائمون على العمل يدركون جيدا النواحي الإبداعية لعمليات الإنتاج والتصوير، والتي يجب، أن تمتلك المبررات، لميزانية ضخمة من فئة: مليونان وثمانمائة ألف ورقة خضراء، ورقة تنطح ورقة كما يقال.

الوضعيات الكرتونية للشخصيات في البرومو، تشير بقوة للشغف الإبداعي لكاتب العمل وتشكل امتدادا لتجربته الإبداعية الفنية في التعامل مع فن الكاريكتير، ورسوم الكرتون، وهو أيضا صاحب خبرة فلسفية في هذا المجال، فلقد صدر له أكثر من كتاب عن هذا الفن.

تمّام علي بركات