ثقافة وفن

حوار خاص.. الأستاذ محمد علي يونس: لغتنا العربية غنية وقابلة للتطور وأنصح الأجيال بالتمسك بها

نشأ وترعرع مع حروف اللغة العربية وكلماتها.. فمع سنينه الأولى في قرية رويسة الحايك – صافيتا في محافظة طرطوس الذي ولد فيها عام 1933، حفظ المربي الفاضل وأستاذ اللغة العربية محمد علي يونس سورا من القرآن الكريم في جامع القرية، وتلقى دروسه في مدارس الدريكيش وطرطوس وكان طالبا متفوقا، نال الإجازة في اللغة العربية من الجامعة السورية بدمشق، وقام بتدريس اللغة العربية في مدارس المحافظة، وأوفدته وزارة التربية السورية إلى الجزائر عام 1967 للتدريس في مدارسها، فأرسى قواعد اللغة في مدارس الجزائر وساهم في تعريب مناهجها، بعد اختياره عضوا متفرغا للبحث والتأليف، فأسهم في إنجاز عدة كتب للمرحلتين الإعدادية والثانوية في الجزائر، وعمل في التوجيه الاختصاصي للغة العربية في محافظة طرطوس ثلاثة وعشرون سنة أسهم خلالها في وضع المناهج الجديدة التي وضعت عام 1985، وكلف بعد تقاعده خبيرا لدى وزارة التربية فأسهم وزملائه في وضع مناهجها الجديدة بتكليف د. محمود السيد إبان وزارته للتربية، وكان كتابه “التفسير الواضح” للقرآن الكريم من أعماله الوفيرة…

“البعث ميديا” التقى المربي الفاضل وموجه اللغة العربية محمد علي يونس وكان الحوار التالي:

 

* الأستاذ ﻳﻮﻧﺲ.. ﻛﻴﻒ ﺗﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻭﺍﻗﻊ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺣﺎﻟﻴﺎ؟  ﻫﻞ ﻫﻲ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻠﺘﻄﻮﺭ ﻭﻣﻮﺍﻛﺒﺔ ﻣﺴﺘﺠﺪﺍﺕ ﺍﻟﻌﺼﺮ، ﺧﺎﺻﺔ ﻟﺠﻬﺔ ﺍﻻﺑﺘﻜﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺔ ﻭﻣﺎ ﻳﺮﺗﺒﻂ ﺑﻬﺎ ﻣﻦ ﻣﺼﻄﻠﺤﺎﺕ؟

** إنه ليحزننا أن أقول أن واقع اللغة العربية لايسر الصديق ولا العدو فالأخطاء اللغوية كثيرة جدا في وسائل الإعلام جميعها وحتى الكتب المدرسية لاتخلو منها، إلا أن اللغة العربية بشهادة أبناءها وأعدائها لغة غنية قابلة للتطور، وقد استطاعت أن تحمل رسالة الإسلام التي جاء بها القرآن الكريم، وكان الإعجاز البياني الباقي على الدهر أهم دليل على غناها وقدرتها على التطور، وقد استطاعت هذه اللغة أن تكون لغة الحضارة والعلم في العصور الحديثة.

* ﻣﺎ ﻫﻲ ﺍﻟﺘﺤﺪﻳﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻮﺍﺟﻬﻬﺎ ﺍﻟﻠﻐﺔ ﺍﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﺑﺪﺧﻮﻝ “ﺃﻧﻤﺎﻁ” ﻭﺍﺗﺠﺎﻫﺎﺕ ﻟﻐﻮﻳﺔ ﺗﻤﻴﻞ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻂ ﺍﻟﻠﻐﻮﻱ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﻴة ﻭﺍﻟﻔﺼحى؟

** تتجلى هذه التحديات في بعض الأصوات النشاز التي تدعو إلى اتخاذ اللغات الأجنبية في العلوم والتكنولوجيا بدلا من اللغة العربية، وفي استخدام الحروف الأجنبية بدلا من الحروف العربية، وعدم إدخال الحركات (ضمة، فتحة، كسرة) في بنية الكلمة وبذلك تصبح العربية كاللغات الأجنبية وتنقطع الصلة بين ماضي اللغة العربية وحاضرها، ونحن نعتقد أن اللغة كائن حي يتطور كما يتطور المجتمع البشري وهذا التطور يكون سليما اذا كان منظما.. فالناس أو المجتمعات تتزايد عن طريق التوالد الطبيعي أو الهجرة، واللغة تتطور ولاسيما العربية عن طريق الاشتقاق والتعريب، فالإشتقاق هو أخذ كلمة من أخرى، واللغة العربية تتفوق على غيرها في هذه الخاصة، فكلمة “معرفة” أو “علم” مثلا يؤخذ منها صيغ عديدة في الأفعال والأسماء تتجاوز العشرات، أما التعريب فهو إدخال معاني كلمات أجنبية بألفاظ عربية وهذه المهمة لا يقوم بها إلا المختصون والمجامع اللغوية بشكل خاص، ويمكن الاختصار و إدخال أي مصطلحات جديدة عن طريق الهيئات العلمية المتخصصة وليس عن طريق الجهود الفردية، وإلا تدب الفوضى وتضيع اللغة.

 

* ﻣﺎﺫﺍ ﺗﺤﺪﺛﻨﺎ ﻋﻦ ﻛﺘﺎﺏ ” التفسير الواضح” للقرآن ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ.. ﻛﻴﻒ ﺑﺪﺃﺗﻢ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻭﻛﻢ ﺍﺳﺘﻐﺮﻕ ﻣﻦ ﻭﻗﺘﻜﻢ.. ﻭﻫﻞ ﺑﺎﻣﻜﺎﻧﻨﺎ ﻣﻌﺮﻓﺔ ﻣﺎ ﻳﻤﻴﺰ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﻋﻦ ﺑﺎﻗﻲ ﺍﻟﺸﺮﻭﺣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﻮﻓﺮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻜﺘﺒﺎﺕ.

** بدأت فكرة تفسير القرآن لدي منذ زمن بعيد بحكم اختصاصي باللغة العربية وميلي إلى الدراسات الإسلامية، وحفظي لكثير من سور القرآن الكريم قبل الدخول إلى المدرسة، وعند تصفحي للتفاسير وجدت أن المطول منها كالطبري والطبرسي والرازي و ابن كثير وغيرها، لا تفيد إلا فئة قليلة من المثقفين فضلا عما فيها من آراء يرفضها العقل والنقل، أما التفاسير المختصرة كالجلالين وتفسير عبد الله شوبر وغيرهما، فإن هذه التفاسير لا توضح معاني جميع الآيات فضلا عن أن أصحابها قد يتعصبون لمذهبهم، فإذا كان القارئ من مذهب آخر ينصرف عنها، وبعد التقاعد وانتهاء عملي في وزارة التربية موجها اختصاصيا وخبيرا لديها في شؤون المناهج والكتب انصرفت إلى الدراسات الإسلامية، وحاولت أن أتلافى المآخذ التي وجدتها فيما اطلعت عليه من التفاسير المطولة والمختصرة، استغرق العمل ثلاثين شهرا و كنت أسجل تاريخ انتهاء كل جزء من أجزاء القرآن بالتاريخين الهجري والميلادي، واعتمدت على خمسة وعشرين تفسيرا ذكرتها في قائمة المراجع، و في كتب كثيرة تساعد في التفسير، و لا أبالغ إذا قلت إنها تعد بالمئات لا بالعشرات، وطريقتي في “التفسير الواضح” أن أذكر السورة رقمها وعدد أياتها، وهل هي مكية و مدنية، وفضلها، وكنت أجعل أمام كل آية، التفسير الخاص بها مسبوقة بالرقم الوارد في النص القرآني، والتفسير موجهة لعامة القراء، واجتهدت في أن يرضي كل قارئ منصف، بعيدا عن الخلافات المذهبية والطائفية.

 

*ﺑﻤﺎ أﻧﻜﻢ ﻋﻤﻠﺘﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺎﻝ ﺍﻟﺘﺮﺑﻴﺔ ﻭﻋﻠﻤﺘﻢ ﻭﺭﺑﻴﺘﻢ أجيالا ﻛﺜﻴﺮﺓ، ﻓﻤﺎ ﻫﻲ ﻧﺼﻴﺤﺘﻜﻢ للأﺟﻴﺎﻝ ﺍﻟﺼﺎﻋﺪﺓ، ﻭأﻧﺘﻢ ﺍﻟﺨﺒﻴﺮ ﺑﻮﺍﻗﻌﻨﺎ ﺍﻟﺤﺎﻟﻲ، ﺧﺎﺻﺔ ﻟﻠﻨﺸأ ﺍﻟﺼﺎﻋﺪ.

** نصيحتي أن يعودوا إلى قراءة القرآن وأن يتمسكوا باللغة العربية، وأن يرفضوا الشائعات التي تزهدهم في لغتهم وأمتهم وحضارتهم ومستقبل هذه الأمة.

 

البعث ميديا || حوار: رشا سليمان – طرطوس