ثقافة وفن

الموزاييك.. صناعة أصيلة تحمل عبق دمشق

تعتبر صناعة الموزاييك من أقدم المهن العريقة التي اشتهرت بها ولا تزال مدينة دمشق، ويعود تاريخ هذه الصناعة إلى مئات السنيين.

وفن تطعيم الخشب بالصدَف، أو ما يسمى الموزاييك، هو إدخال مادة الصدف إلى جزيئات من أنواع خشبية مختلفة، حيث ينشر الخشب إلى أعواد صغيرة تشكل في ربطها حزمة من أنواع وألوان مختلفة يتم تقطيعها بشكل شرائح تجمع إلى بعضها ليصاغ منها الشكل المطلوب.

هو فن الزخرفة بنماذج من الطبيعة وأشكال هندسية متداخلة ومعقدة، وهو أحد عناصر الفن الدمشقي القديم، ورمز للعمارة الدينية، حيث كان يُزيّن جدران وأعمدة دور العبادة والبيوت الدمشقية والقصور.

يعد “بيت نظام ومكتب عنبر وقصر خالد العظم والسباعي والقوتلي” من أشهر العمارة الدمشقية المزينة بهذه المادة، ثم انتشر في بعض الدول الأخرى، لكنه بقي يعبّر عن الهوية الدمشقية الخالصة.

وتعتبر هذه الصناعة فناً تشكيلياً يحتاج إلى صبر ودقة عالية ولهذا فإنه يعتبر صناعة وفناً معاً.

ورغم كل الظروف القاسية التي مرت بها البلاد، استمرت صناعتها بفضل حرفيين مهرة، لتبقى دمشق أساسا لهذه الصناعة وزيادة الإنتاج فيها.

مراحل صناعتها:

تبدأ من “الصدف” وهو عبارة عن قشور حيوانات أو قواقع بحرية تستخرج من البحار ومنها بيت اللؤلؤ ويتميز بألوانه المتعددة التي تمثل ألوان الطيف وهو أغلى أنواع الصدف.

يليها عملية التصديف بعد استخراج الصدف من البحار أو الأنهار تأتي مرحلة إعدادها لكي تصل إلى الحرفي ليقوم بعمله الفني، تلي الاستخراج عملية الصنفرة، وذلك إلى أن يصبح الصدف ذا ملمس ناعم ثم يقطع إلى شرائح رفيعة تسمى الواحدة منها مبرزة، ويصل سمك المبرزة إلى 2 و 3ملم ثم توضع إلى القطع المطلوبة بأشكال معينة مثل الشكل السداسي أو الثماني أو أية أشكال أخرى على حسب التصميم الذي يسعى المزخرف إلى تزيينه.

تعد المرحلة السابقة من أصعب المراحل، فعملية تقطيع الصدف من أدق العمليات في هذه المهنة وتحتاج إلى خبرة ومجهود كي تتم بالشكل المطلوب، فالصدفة الواحدة تحتاج إلى وقت طويل كي تصل إلى الشكل الذي يرغبه المزين وقد يصل الوقت إلى 5 دقائق، فحين أن القطعة بالكامل يمكن أن ينتهي العمل فيها بعد ثلاثة أيام إذا كانت صغيرة ( مثل علب الضيافة أو الدخان )، ولستة أيام إذا كانت قطعا أكبر ولثلاثة أشهر إذا كانت قطعة أثاث كبيرة مثل الكراسي.

يستخدم خشب الجوز في هذه الصناعة لأنه سهل الحفر وقطعه كبيرة، ولونه بني محروق، متين، لا يتشقق مع الزمن، يرسم الشكل المراد حفره على ورق الكالك بقلم الرصاص وبعدها ينقل الرسم بالخشب. ويمكن التنويع في مصادر الأخشاب المطعمة بالصدف من أجل تحقيق التميز في كل قطعة ينتجها ولذلك باستخدام أخشاب الحور والجوز والزيتون والشربين والميص والعرعر والدردار والصندل والصنوبر والسرو.

طرق تطعيم الخشب بالصدف:

الطريقة العربية القديمة، وهي أصل الطرق المتبعة في التصديف وتحتاج إلى أيدي عاملة ماهرة، تقوم على عمل القطعة كاملة من قبل النجار ثم يأتي الرسام ليصنع النقشة المرغوبة، ثم عامل دق القصدير الذي يحفر مكاناً للخيوط القصديرية ويثبتها وبعدها يثبت عامل الصدف القطع المقطوعة حسب الرسمة، ويمكن استخدام النحاس والحديد داخل الصدف لتطعيمه، كما يمكن إدخال خيوط الفضة في القطع الثمينة الغالية الثمن.

هذ ه الطريقة تعتمد على رصف الصدف بجانب بعضه بالشكل المراد ويملأ الفراغ بمعجون فيظهر بشكل متناسق.

أنواع التصديف:

تختلف أنواع التصديف من حيث أحجام الصدف أو أشكاله أو طريقة تزيينها، فهناك التصديف العربي والتصديف المشجر والتصديف الهندسي، وفي هذا التصديف الهندسي لا يتم استعمال أصدافا كبيرة وإنما يتميز هذا النوع بصخر أحجام القطع الصدفية التي تزين العلب، وبالنسبة للتصديف المشجر نجد أنه يستعمل في تزيين القطع الكبيرة مثل الصناديق ويقصر استعماله عليها فقط أي تزيين الكراسي والقطع الخشبية الكبيرة.

ألوان الصدف:

ألوان متعددة للصدف منها الزهري والأبيض وقوس قزح والأخضر والأسود والأصفر ويختلف سعر القطع المصدفة حسب حجم وشكل القطعة والوقت الذي استغرقته حتى أنتجت والجهد المبذول ونوع الصدف المستخدم في الزخرفة.

البعث ميديا  || إعداد صفوان الماضي