مساحة حرة

هناك مسيحيون أيضا في غزة!

الاحتلال الصهيوني الذي يحاصر قطاع غزة منذ 2007 ويسوّقه أمام الرأي العام العالمي على أنه “كيان معادي”، يحرم الفلسطينيين هناك من أدنى حقوقهم كالتعليم والعمل والعلاج والتنقل، وكأن الاعتداءات المستمرة لا تشفي غليل الحقد الصهيونيي، غير أن موضوع منع أداء الانسان الغزاوي لطقوسه وشعائره الدينية قلما يذكر في وسائل الاعلام، ولا يحظى أيضا باهتمام دولي، بالرغم من الانتهاكات الصهيونية الممتدة منذ زمن والمتواصلة حتى الآن بهذا الخصوص!

سياسة كيان الاحتلال الصهيوني التدميرية ضد شعب فلسطين عامة وغزة خصوصا، هدفها الأساسي هو تغريبه وطمس هويته وثقافته ومعتقداته ومحاولة “آسرلته”، واذا كان القانون الدولي يكفل حق الانسان حرية الدين وممارسة الشعائر والتنقل لأدائها، فهو يبقى حبرا على ورق أمام مجتمع دولي يساند الاحتلال الصهيوني ضد شعب أعزل، وكما الفلسطينيون المسلمون في قطاع غزة محرومون من الصلاة في المسجد الأقصى فإن المسيحيين هناك أيضا ليسوا بأحسن حال، ففي الوقت الذي يدخل فيه الاحتلال الصهيوني الألاف من جنسيات مختلفة إلى بيت لحم للاحتفال بأعياد الميلاد المجيدة كل عام في بيت لحم والقدس، يحرم أكثر من 900 فلسطيني مسيحي من أهالي القطاع من أداء الطقوس الدينية في بيت لحم والقدس بالعموم ومن المشاركة في احتفالات الميلاد خاصة بكل ما تحمله هذه المناسبة من اعتبارات معنوية ودينية.

ولهذه اللحظة يبقى طلب رؤساء الكنائس الكاثوليكية في الأراضي المقدسة هذا العام السماح لفلسطيني غزة المشاركة في احتفالات الميلاد معلقا والاحتلال يماطل، ونداءات الاستغاثة لا يسمع صداها!

سياسة الاحتلال الصهيوني ضد المسيحيين منذ 1967

يقف وراء هذا الاجراء القسري ضد الفلسطينيين المسيحيين ما يسمى بجهاز “الأمن العام” أو “الشاباك” الذي يتخذ نفس الاجراء سنويا، متحججا بـ” الإجراءات الأمنية” ولكن الحقيقة أن هذا الاجراء المجحف هو سياسة قمعية متواصلة ضد شعب غزة لتهجيره، فبينما يسمح الاحتلال للغزاويين المسيحيين الذين تتجاوز أعمارهم الخامسة والأربعين المرور عبر حاجز بيت حانون (إيرز) شمال القطاع للسفر إلى الأردن عبر معبر الكرامة، يمنع المئات من التنقل الى الضفة الغربية والقدس المحتلتين!

استهداف مسيحيي غزة جزء من مخطط صهيوني على الديانتين المسيحية والإسلامية في فلسطين عموما وتهويدها، ففي عام 1967 حطم الصهاينة أبواب ونوافذ كنيسة القديس يوحنا المعمدانية ونوافذها وسرقوا محتوياتها وغيروا أيقونة السيدة العذراء التي تحمل صورة المسيح بمنظر أقل ما يقال عنه أنه مستفز وسرقوا تاج السيدة العذراء ونزعوا عنه اللآلئ الثمينة وأعادوه، وفي عام 1968 سرقوا المجوهرات الموضوعة على تمثال العذراء الكائن في مكان الجلجثة، داخل كنيسة القيامة وبيع التاج في أسواق “تل أبيب”!.

وفي سنة 1973 أحرق المستوطنون المركز الدولي للكتاب المقدس، وفي 1982 حرقوا الكنيسة المعمدانية وكرروا فعلتهم الشنيعة  في 2007. كما هدموا كنيستي دير الروم الأرثوذكس والمصعد، إضافة إلى قتل رجال الدين المسيحيين واحراق الكنائس والإساءة بالكتابة على جدرانها واطلاق النار على المصلين واغلاق الكنائس في وجه المصلين.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الاعتداءات الجبانة يقف وراءها ما يسمى بـ”تدفيع الثمن” أو “تاج محير” و”لاهافا”.. وهي منظمات تدعو إلى حرق الكنائس وانتهاك حرمات المقدسات الدينية، بهدف تهجير الفلسطينيين المسيحيين وهي بالأساس منظمات معادية للمسيحية.

“الحجارة الحية”!
ان الوجود المسيحي في فلسطيني هو بديهي بحكم أن المسيح عليه السلام ولد في بيت لحم وكبر في الناصرة وبشر برسالته السماوية في الجليل وصُلب في موقع كنيسة القيامة في القدس، ويطلق على الفلسطينيين المسيحيين لقبي “المسيحيون الأوائل” ولقب “الحجارة الحية” وكانت نسبتهم قبل 1948 حوالي 8% من السكان، لكن التهجير القسري خفض نسبتهم إلى حوالي 1.25%.  ويقطن معظم الفلسطينيين المسيحيين في مدن بيت لحم وبيت جالا والقدس ورام الله وغزة والناصرة وحيفا.

وينقسم المسيحيون في قطاع غزة إلى ثلاثة أقسام، منهم من كان يقيم في غزة منذ القدم، وقسم ثاني هاجر خلال النكبة الفلسطينية عام 1948، وقسم ثالث 1994.

هؤلاء الفلسطينيون المسيحيون القاطنون في غزة، ينتظرون بفارغ الصبر هذا العام ووكل عام ضغطا دوليا على قوات الاحتلال الصهيوني، للتمكن من التنقل الى الأراضي المقدسة لممارسة حقهم في أداء الشعائر الدينية والاحتفال بولادة السيد المسيح، فهل سيتحرك المجتمع الدولي؟!

 

البعث ميديا – تقرير- سلوى حفظ الله