الشريط الاخباريسلايدعلوم وتكنولوجيا

السلاح المطبوع.. تسخير العلم في القتل

 

يخضع العالم الذي نعيش فيه إلى تسارع كبير في كافة المجالات لاسيما مجالات التكنولوجيا والعالم الافتراضي الرقمي.

وفي كل لحظة نعيشها يوجد هناك فرق عمل و ورشات وأخصائيين يصنعون “الحدث” ويقدمون اختراعات للبشرية تجعل الحياة اليومية أكثر سهولة مقارنة بالعقود الماضية.

فخلال السنوات الماضية ظهرت “طفرة” تكنولوجية.. أطلق عليها الطباعة ثلاثية الأبعاد.

ما هي الطباعة ثلاثية الأبعاد

هي إحدى طرق التصنيع الحديثة (التصنيع بالإضافة), حيث يمكن تصنيع منتج ثلاثي اﻷبعاد مجسم وملموس من خلال تصميمه على الحاسوب ومن ثم طباعته (تصنيعه) بالطابعة ثلاثية اﻷبعاد, وتتم عملية الطباعة عن طريق رص طبقات الخامة فوق بعضها البعض حتى يكتمل شكل الجسم المطلوب, وما يجعلها  فريدة من نوعها هو قدرتها على تصنيع كائنات صلبة كاملة ومعقدة, حيث تستطيع طباعة (صناعة) المجسمات والأدوات بطرق لا محدودة، وبمختلف المواد كاللدائن، والمعادن، والسيراميك، والرمال والبلاستيك, والنايلون.

بداياتها

بالرغم من الاهتمام الواضح للعلماء مثل (كوداما وهلّ و كارل ديكارد) بالطّباعة ثلاثيّة الأبعاد منذ ستينيات القرن الماضي, إلا أن الظهور الأول لهذه التقنية كان في الثمانينات، عندما حصل هلّ على أول براءة اختراع على طابعته التي تعمل بنظام ( SLA ).

ففي فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي و حتى العقد الأول من الألفية الجديدة, ركزت هذه التقنية في بدايتها على الأغراض الصناعية, واتسمت بارتفاع أسعارها الملحوظ.

وفي عام 2007 أطلقت شركة “ثري دي سيستمز” أول طابعة ثلاثية الأبعاد متكاملة بسعر يقل عن 10 آلاف دولار، وفي عام 2009 شهد العالم الكشف عن طابعة BfB RapMan”” التي جعلت الطباعة ثلاثية الأبعاد أكثر سهولةً وتداولًا، وأسست للطابعات التي نراها اليوم في الأسواق والمستخدمة في عدة مجالات مختلفة.

مجالاتها:

دخلت الطباعة ثلاثية الأبعاد العديد من المجالات منها (الفنية, التراثية,الأثرية، الألعاب, السيارات, المباني),  وفي المجال الطبي تمكنت الطباعة ثلاثية الأبعاد من توفير أطراف صناعية مطبوعة لتصبح الأطراف الصناعية تطبيقا مثاليا للطباعة ثلاثية الأبعاد.

تسخير العلم في القتل

بينما كان كل شيء يسير بأفضل المراحل “للثورة الصناعية الثالثة” كما يطلق عليها بعض أخصائي التكنولوجيا, وقع المحظور, وقام شخص في الولايات المتحدة يدعى (كودي ويلسون)، بتأسيس منظمة “ديفينس ديستربيوتد” المعنية بنشر السلاح “المطبوع” عام 2012.

وفي عام 2013، تمكن (ويلسون) من القيام بأول تجربة ناجحة لصنع هذا النوع من السلاح بالطباعة ثلاثية الأبعاد، كما أتاح ويلسون الملفات، على صفحة منظمته، التي توضح طريقة استنساخ المراحل المختلفة لإنتاج بنادق بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد.

وأحدثت تلك الملفات ضجة كبيرة في ذلك الوقت, حيث قام مئات الآلاف من الأشخاص بتحميلها, ما أثار حفيظة وزارة الخارجية الأميركية التي أصدرت قرار يجبر المنظمة على حذف تلك الملفات من مواقعهما، لأنّ ذلك يتعارض مع قوانين تصدير السلاح.

واشتعلت الحرب بين الطرفين, إلى أن أجبر (ويلسون)- وبعد معركة قضائية- وزارة العدل الأميركية على السماح للمنظمة بتحميل وبيع تلك التصميمات للأميركيين بحجة الحفاظ على الدستور الأميركي، الذي يتيح حرية اقتناء السلاح.

وفيما بعد تم تصنيف ويلسون كواحد من أخطر خمسة أشخاص في العالم.

خطورة التقنية

يطلق على هذا النوع من الأسلحة تسمية “الأسلحة الشبح”, وذلك لأنها أنّها غير مسجلة ولا يمكن تعقب مصدرها، وذلك بسبب طريقة تصنيعها, مما يسهل إمكانية انتشاره في أيدي التنظيمات الإرهابية واستخدامه ضد المدنيين والمؤسسات الحكومية في مختلف أنحاء العالم, مما ينبئ بكارثة حقيقة إذا ما استثمر الإرهاب المتطرف هذه التكنولوجيا لتحقيق غاياته.

إلى ذلك ومنذ تأسيسها تعمل منظمة (ويلسون) على تطوير وإنتاج تصاميم لأنوع جديدة من الأسلحة, وأكثرها شهرةً هو جهاز يمكنه حفر وتعديل المعادن عرف باسم “المدفع الشبح”.

ويمكّن الجهاز أي شخص لديه معرفة قليلة بالأسلحة وتركيبها أن يقتني قطعاً مختلفة ويصنع السلاح في اليوم نفسه، وتوفره المنظمة بسعر أقل من ألفي دولار أميركي.

وبالتالي فإن حظر الإدارة الأميركية لمثل هذا السلاح وإن تم مستقبلاً, لا يقلل من خطورة أن يقع في أيدي أشخاص خارجين عن القانون أو إرهابيين وخصوصا في بلد مثل أميركا التي يفوق فيها عدد السلاح نسبة السكان, وتبلغ نسبة القتلى جراء عمليات إطلاق النار 13 ألف شخص سنوياً.

ختام القول أن هذه التقنية التي وُجدت لجعل الحصول على الحاجات اليومية وتوفير سكن للأشخاص بسعر معقول, في متناول الكثيرين, والمشاركة في التقليل من عناء وتكلفة الصناعات التقليدية, أضحت الآن “ولسبب ما” مساهماً فعلياً لنشر العنف والإرهاب وتصدير السلاح.

والسؤال المطروح أن الولايات المتحدة التي تتحدث عن دعم الإنسانية, هل كانت غافلة عن كارثة كبرى قادرة على ضرب الأمن العالمي, أما أن انتشار “السلاح الشبح” جرى بتخطيط وتنفيذ من إدارة البيت الأبيض؟.

إعداد: مجد عمران