دوليسياسة

في الديمقراطيّة.. “النّاس سادة البلاد”

تشتق الديمقراطية من كلمتين يونانيتين “demos” تعني الناس، و”kratos” تعني الحكم، وعلى هذا الأساس تُجرى الانتخابات لتحديد الحزب أو الفرد الذي يجب أن يقود البلاد، كونه عنصراً أساسياً في الديمقراطية، حيث تهيمن الحملات الانتخابية من أجل قيادة الدولة والمقاعد البرلمانية على سياسات الدول.
في الجزء الأول من القرن الماضي تُرجمت الديمقراطية على أنها “سيد الشعب”، وهكذا أصبحت الديمقراطية تُفسَّر على أنها “الناس هم سادة البلاد”، وأصبحت “خدمة الشعب” الفكرة المركزية والغرض من السياسة.
يتوافق مفهوم “سيد الناس” مع الاعتقاد التقليدي بأن “الأكثر قيمة هم الناس وتأتي الدولة بعد ذلك وأقلها الحاكم” ، وهو قول يُنسب إلى الفيلسوف الصيني “منسيوس” في القرن الرابع قبل الميلاد.
كان مصطلح “السيد” جذاباً بشكل خاص في بلد يتعرض فيه غالبية الشعب للقمع والاستغلال وهكذا تحول نظام اجتماعي جديد يتمتع فيه الناس بحقوق متساوية إلى جاذبية العصر.
لذا كان القضاء على السبب الجذري لعدم المساواة أولوية السياسة، ولتحقيق هذا أطلقت الحكومات برنامج إعادة توزيع الأراضي وتأميم الصناعات والشركات ومنحت حقوقاً متساوية للنساء، وقدمت برامج للقضاء على الأمية من خلال خلق التعليم وتقديم الفرص للجميع، وخاصة المحرومين. ففي غياب المساواة فإن الدفاع عن الحقوق والحرية يشبه الضرب على المسمار حتى يدخل رأسه.
علاوة على ذلك لا يمكن تحقيق المساواة من خلال سن وتنفيذ قانون حقوق متساوية فقط دون الاستقلال الاقتصادي، وسيكون التمتع بحقوق متساوية في الحياة السياسية والاجتماعية بمثابة حلم للمحرومين.
التزمت الحكومات القائمة على الديمقراطية بتحسين سبل عيش المواطن من خلال اتخاذ تدابير لضمان التوظيف والتعليم والإسكان والرعاية الطبية ورعاية المسنين والمحتاجين.
أما الهيئة التشريعية متمثلة بنواب مجلس الشعب هم ممثلو الشعب بالمعنى الحقيقي للكلمة، يتم ترشيحهم وانتخابهم من جميع مناحي الحياة، ويمثلون جميع المحليات والفئات العرقية والعمرية مع توزيع المقاعد بما يتناسب مع حجم القطاع الذي ينتمون إليه. ونظراً لأن معظم النواب في المجالس الشعبية يأتون من القواعد الشعبية ولديهم اتصال مباشر مع الناس العاديين فهم يعرفون جيداً احتياجات ومشاكل السكان المحليين، وفي كل دورة يجلبون معهم آلاف الاقتراحات التي تمثل الصوت الحقيقي للشعب. كما تحدد المصالح الأساسية وطويلة الأجل للشعب وظائف المجلس فهو ليس ساحة معركة لتحقيق مكاسب حزبية، ولكنه مكان اجتماع لممثلي الشعب من خلفيات مختلفة ليقرروا ما هو الأفضل لغالبية الشعب.
والسؤال ما هي بالضبط المصالح الأساسية وطويلة الأجل للشعب؟.. إن السلام والاستقرار والتنمية والازدهار والوحدة والوئام والأمن والصحة والبيئة النظيفة والجميلة هي من أهم السمات، وهذه هي الميزات التي يجب أن تعمل الحكومات على تحقيقها وحمايتها فيما إذا أرادت أن تحقق الديمقراطية.

ترجمة: هناء شروف