ثقافة وفن

مواجهة تزييف التاريخ الكنعاني.. ودور السينما الهوليودية

“الحقيقة بنت الأرض”.. بهذه الجملة التي تقف في وجه مشروع تزييف التاريخ الكنعاني، استهلت الأستاذة رباب أحمد الندوة التي أدارتها بعنوان “استهداف التاريخ الكنعاني جزء من الحرب على سورية” في المركز الثقافي العربي-أبو رمانة- بمشاركة د.إياد يونس ود.إبراهيم خلايلي.

تزوير الواقع اللغوي
ومن المعروف أن كنعان هي أرض فلسطين ولبنان والأردن وسورية، فبدأ الباحث د.إبراهيم خلايلي بالحديث عن الحضارة الكنعانية التي يعمل العدو الصهيوني على تزييفها، ويستغل كل الأدوات لمحاولة طمس الهوية السورية عبْر استهداف السيرة الكنعانية بمساندة مؤسسات عدة، شاركت بالحملة التي شُنت عام 2019 وبدأت بغزو المحطات الفضائية بطروحات غريبة تنال من تاريخ الشرق القديم واللغات القديمة.
وتابع خلايلي بأن استهداف التاريخ الكنعاني يعود إلى حقب قديمة ابتداء من أحبار اليهود إلى بعض المؤرخين إلى العدو الصهيوني، وتوقف عند أول استهداف لسيرة بني كنعان من كتاب التوراة الذي دوّن ضمن أحداث لاحقة، وبأن أول نسخة للتوراة باللغة العبرية الحديثة كانت في القرن العاشر الميلادي ما يؤكد أنها ليست من لغات الشرق القديم، كما أطلق الصهاينة مشاريع عدة لتزوير الواقع اللغوي وتصوير العبرية بأنها أم اللغات الأبجدية.

الهوية الكنعانية السورية
ثم تطرق إلى العصر الحديث وما حدث باجتياح بيروت في مطلع الثمانينات ونشر الفتنة الطائفية كي تصل إلى سورية، لكن بجهود الجيش العربي السوري والمقاومة اللبنانية والفلسطينية سقط المشروع، ثم جاءت الحرب على العراق وصولاً إلى ما سُمي بالربيع العربي، والهجوم على الهوية الكنعانية لكل بلاد الشام، ومحاولة إبادة الهوية الكنعانية السورية بكتابات بعض المفكرين لنفي التاريخ الكنعاني لسورية الكبرى “سورية وفلسطين والأردن ولبنان”، ومحاولة استهداف المواقع الأثرية في الجولان.

الكنعان والأطلسي
أما الباحث د.إياد يونس فعرّف بالشعب الكنعاني الذي عاش في سورية ولبنان وفلسطين والأردن، وأن أول ذكر للكنعانيين أتى من موقع ماري وأوغاريت ومصر من موقع تل العمارنة، وأظهرت الدراسات الحديثة التي صنفت جميع الكتابات السورية القديمة بأنها كتابات كنعانية، وتابع عن الكنعاني الإنسان المتحضر الذي حقق إنجازات حضارية وفكرية نقلها عبر البحار والمحيطات بما فيها الأطلسي، وأن الكنعانية ليست هوية زائفة بل هي حقيقة وهوية جامعة للسوريين القدماء حتى القرون الميلادية الأولى.
كما استحضر د.يونس مجموعة أمثلة عن وجود اسم كنعان في النقوش كما في نقش بعل حمون الذي عثر عليه في المغرب، وأشار إلى حضور الكنعانيين في المغرب العربي، وغرب المتوسط وقد أسسوا فيها المدن في القرن الحادي عشر ق.م.
كما تابع عن الموروث الكنعاني الذي حافظ على استمراريته، وعَدد بعض الممالك الكنعانية أوغاريت وعمريت وأرواد وصيدا وصور وجبيل ويافا والقدس ومئات المدن الكنعانية في سورية الكبرى.

ادعاءات زائفة
وانتقل إلى تعرض تاريخ الكنعانيين السوريين إلى سلسلة مدروسة من الادعاءات الزائفة، فمشاريع التراث التي تنفذها جهات أجنبية بالوكالة عن الكيان الصهيوني، تهدف إلى وضع تعاريف جديدة لحقبة تاريخية مختلفة تقصي مراحل حضارية بأكملها مع إنجاز قواعد بيانات تتضارب مع أية قواعد بيانات موجودة سابقاً.

إقصاء المواقع الكنعانية
وتوقف عند المشروع الدولي الخطير بمشاركة “إسرائيل” 2002-2011أركان، الذي يهدف إلى وضع تسلسل زمني “توثيق كرونولوجي” لمنطقة الشرق الأدنى القديم وشرق المتوسط انطلاقاً من الألف الثالثة ق.م بإقصاء المواقع الكنعانية من الساحل السوري عمداً.

يافا وأوغاريت
والمشروع الصهيوني لتهويد مدينة يافا الكنعانية من فلسطين قبل عشر سنوات وبدعم أمريكي –أوروبي في مشروع التراث الثقافي ليافا، الذي احتوى على كثير من مفردات التهويد.
وتعريف المؤلفين بيتر اكرماتر وغلن شوارتز في كتاب عن الآثار السورية بأن أوغاريت مدينة على ساحل البحر المتوسط، كانت تتبادل التجارة مع قبرص وسورية وكأنها ليست سورية، إضافة إلى بعض الدراسات المحلية التي ارتكبت خطأ بإقصاء الكثير من المدن الكنعانية المنتشرة على الساحل السوري –اللبناني، ليصل د.يونس إلى أن مسيرة التاريخ الكنعاني كجزء من التاريخ السوري تتعرض للاستهداف العالمي الغربي الممنهج بغية إزاحة الحقائق الكنعانية وتعرض الحضارة الكنعانية للخلل والتشويه في شقيها المشرقي والمغربي، الأمر الذي يحاول العدو الإسرائيلي تكريسه من أجل دولته المزعومة على حساب الأصول التاريخية الحقيقية التي تنتمي إليها بلاد الشام، وتعمل الصهيونية على التلاعب بمعطياتها ونزعها من أصحابها الأصليين.

السينما الهوليودية
وفي ختام الندوة تمت الإشارة إلى ضرورة اهتمام الإعلام بمواجهة تزييف التاريخ الكنعاني من خلال الندوات ووسائل الإعلام المختلفة، بمشاركة المفكرين والباحثين بعلوم الآثار والتاريخ القديم وبمشاركة العلوم الاجتماعية والمجتمعية بإقامة أسبوع ثقافي أو مؤتمر لحماية الهوية الكنعانية.
كما نوّهت الأستاذة رباب أحمد إلى أمر هام يتعلق بدور السينما الهوليودية وعملها على تزييف الحقائق في المنطقة، ودور الصهيونية الواضح بالتزييف وضرورة التصدي والمواجهة.

ملده شويكاني