مؤثّرو وسائل التواصل الاجتماعي بين الضرورة والمخاطر المجتمعية
البعث ميديا – آثار الجوابرة:
بات التأثير من خلال وسائل التواصل الاجتماعي سواء أكان ذلك عبر الأفراد أم المؤسسات، جزءاً من حياتنا اليومية، الى درجة تحوّل بعض منصات التواصل الاجتماعي إلى مصدر يجمع من خلاله صناع المحتوى ثرواتٍ طائلة قد تصل إلى مئات ملايين الدولارات سنوياً، أو أن يتمكّن هؤلاء من صناعة رأي عام حول قضايا اجتماعية وسياسية حساسة، من خلال ممارستهم أنشطة متنوّعة في الإعلانات وغيرها من أعمال الترويج للمنشآت والشخصيات، ما جعل بعض الدول تعمل على مراقبة وضبط هذه الأنشطة إلى درجة قد تصل الإجراءات فيها إلى فرض رقابة مصرفية على هؤلاء.
ويظهر المؤثرون في وسائل التواصل الاجتماعي من خلال فيديوهات أو تدوينات أو حملات أو صور قد تكون غير واقعية أو محسّنة، في محاولة لإبراز حياتهم الخاصة ووضعها أمام متابعيهم، وتختلف أهدافهم من نشر هذه النشاطات فقد تكون من أجل جني المال أو تنفيذ أجندات اجتماعية أو سياسية، أو بغرض التسلية.
وإذا سلّمنا جدلاً بنفاذ هؤلاء في الوسط الاجتماعي وخاصة بين الشباب وقدرتهم على مخاطبة الجميع بسهولة نتيجة لوصول وسائل التواصل الاجتماعي إلى الجميع، فمن البديهي أن يحمل وجود هؤلاء ونشاطهم فوائد وأن يشكل بعضهم خطراً على الأفراد أو المجتمعات وقد يتعدّى خطرهم ذلك إلى أن يؤثر في كيانات اقتصادية أو حتى دول، وهنا نميز بين الفوائد والمخاطر بناء على أهدافهم والمحتوى الذي يقدّمونه وطرق توظيفهم من الشركات أو الدول أو الكيانات السياسية.
فقد حاولت بعض الدول أن تستخدمهم كغطاء ضمن صيغة فعّالة في المجتمع من خلال الاستفادة من تأثيرهم في دعم المشروعات والحملات الحكومية بمقابل مادي أحياناً وضمن سعي المؤثرين أنفسهم لبناء علاقات جيدة مع الحكومات وكل ما يتعلق بالسلطة.
في المقابل قد تعيق قوانين بعض الدول نشاط هؤلاء باعتبار أن وسائل التواصل الاجتماعي ليست وسائل إعلامية ولا تخضع لرقابة حكومية، وبالتالي لا يمكن ضبط المحتوى إلا من خلال قوانين على شاكلة ما أصدرته سورية لمكافحة الجرائم المعلوماتية، وخاصة أن كل شركات التواصل الاجتماعي ليس لها مكاتب معتمدة، ولا يمكن السيطرة على المحتوى الضار لأن السيرفرات المشغلة لها تحت تحكم الشركات خارج سورية.
وتنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي العديد من الصفحات التي تجتذب آلاف المتابعين وتعتمد في الكثير من الأحيان على محتوى اجتماعي أو ما يسمّى (اللايف ستايل) الذي يعتمد على محتوى احترافي من حيث التصوير والمونتاج وشخصية صانع المحتوى، وعادة لا تدخل في موضوعات جدلية غير أنها قد تصيب أساساتٍ اجتماعية معينة ضمن سعي صناعها لاجتذاب الإعجابات والمتابعات، وذلك من دون خبرة حقيقية أو تخصّص من أصحابها في تلك المجالات، فضلاً عن طرح رؤى خاصة قد تكون بعيدة عن الواقع في ظل عدم اعتمادها على مصادر حقيقية في بث أخبارها ومحتواها.
وتفرض تلك الصفحات التي باتت تشكل خطراً وجودياً على وسائل الإعلام التقليدية وفقاً للعديد من المنظمات العالمية رؤيتها الخاصة حول الواقع المعيش، وقد تشكًل خطراً اجتماعياً واسعاً من خلال غوصها في السطحيات والدعوة إلى أساليب حياة غير سليمة أو موضوعية لا تناسب أغلبية الشرائح في معظم البلاد.
وظهرت تداعياتها أخيراً في العديد من الحملات لتشكيل رأي عام حول قضايا لا تخصّها مبتعدةً عن الواقع الاجتماعي والسياسي والأخلاقي لجمهورها، ولذلك وعلى الرغم من عدم القدرة الحقيقية على إهمالها أو تجاهلها نتيجة تعلق عدد كبير من المتابعين بها، علينا محاولة الاستفادة منها، مع نشر الوعي بها، وعلى وسائل الإعلام التقليدية أخذ دورها وأن تكون قريبة من المجتمع للعودة إليه وتوعيته وتدريبه على القراءة النقدية وليس الانفعالية لما تبثه تلك الوسائل.