مساحة حرة

مسؤوليات فوق العادة

الصمود في الأدبيات الاستراتيجية يعني الانتصار، وللانتصار تجلياته الظاهر منها والمستتر، عندها إن كان ثمة بحث لابد منه، تكون الأولوية للمقومات والمعزّزات، التي أنتجت انتصاراً مقابل هزيمة، بما أن في معادلة الانتصاردوماً طرفاً مهزوماً.

وهنا نجد أنفسنا وجاهياً أمام إلحاح التساؤلات التي تستفسر عن سر صمود البعث كتجلٍّ لصمود سورية، واسمحوا لنا أن نستخدم مصطلح لغز هنا، لأننا كنا وما زلنا صامدين في مواجهة قوى لا تسمح لها غطرستها أن تعترف بالانكسار، لأنها مسلّحة بأنيابٍ من حديد ونار، لتبقى العقيدة حلقةً ناقصة في ” منظمومة جبروتها”، وربما هذا الذي افتقروا له كان العلامة الفارقة التي  أعلنت الخصوصيّة البعثيّة والخصوصية السوريّة التي تكشّفت بوضوح في زحام الوقائع القاسية التي لا ترحم.

العقيدة كلمة مفتاحية للغز الصمود والانتصار، وإجابة شافية ووافية عن تساؤلات كل من سأل ويسأل، قدّمها أمس الرفيق الأمين القطري للحزب السيد الرئيس بشار الأسد في لقائه مع قيادات فروع حزب البعث في درعا والسويداء والقنيطرة، فحزبنا حزب عقائدي وهذا ما يميزه عن الأحزاب الأخرى، وهو ظاهرة تاريخية لأنه ظاهرة طبيعية.

هي بضع كلماتٍ مقتضبة، أطلقها الرفيق الأمين القطري للحزب، تختصر الحل لجدليّة على الأرجح ستكون مثار تحرّيات الكثير من المراجعين والباحثين في الشؤون الحزبيّة والسياسية، بعد هدوء عاصفة الأزمة.

عقائديّة حزب البعث ميزة تكاد تكون مطلقة بخصائصها الإيجابية، إلّا أنها مسؤولية، تكاد أيضاً أن تكون مطلقة على كاهل كلّ بعثي، ولمسؤولياتنا فيما بعد الأزمة ” طعم ولون” مختلفان كل الاختلاف عمّاقبلها، لأن ثمة دروساً مدفوعة الثمن لا بدّ أن نجيد استخلاص العبر منها، ولعل في ” سفر” البعث وأدبياته ما يوضح بدقةٍ بالغة ملامح مسؤولياتنا المفترضة، لأن سورية اليوم بحاجة أكثر من أي وقت مضى وانقضى لفكر البعث، وبحاجة أيضاً لتطبيقاتٍ أمينة لهذا الفكر، ولبعثيين قادرين على تمثّل النسق القيمي النظيف والرفيع، والإملاءات السلوكية الراقية التي ينطوي عليها فكر الحزب وأدبياته.

وإن كان ثمة أخطاء في الماضي، نبدو اليوم أمام استحقاقات بلد عنوانها العريض ” ممنوع الخطأ” أو على الأقل ممنوع الارتكاب صغر أم كبر، هي قاعدة مُلزمة لكل سوري، وملزمة أكثر لكل بعثي، لأن البعث بنى سورية ببعثيين قدوة في التضحية والذوبان والتماهي مع المصلحة الوطنية العليا بأبعادها القومية العربية الواسعة، واليوم نحن بحاجة إلى استنهاض خصائص القدوة فينا، لأن الحزب الذي بنى سورية في العقود الغابرة، هو من سيعيد بناءها اليوم، فمن صمد وانتصر على أعتى المؤامرات في التاريخ الحديث، قادر على البناء بل هو الأجدر والأقدر.

نــــاظـــم عــيـد

صحيفة البعث