دعوات لتنظيم أسواق الملابس المستعملة..
لم تعد أسواق الملابس القديمة أو ما يُسمّى عرفاً (البالة) مجرد متنفس لبعض الشرائح، بل تجاوزت ذلك لتصبح ملاذاً لكثير من الشرائح، لأسباب باتت معروفة للقاصي والداني، ولرجل الشارع والمسؤول، تتعلّق بجنوح الأسعار وتحليقها خارج سرب المنطق، ليس ذلك فحسب، وإنما تدرك جهاتنا المعنية أنها تفرض نفسها في السوق بقوة وبطرق غير قانونية، إذ أن جميع ما يرد إلى سوق البالة قاطبة يدخل من خلال قنوات التهريب، ما يضيّع على خزينة الدولة رسوماً لا يُستهان بها، ولا نبالغ أن بعضاً من قطعها تزدان به واجهات محلاتنا المخصّصة لطبقة الـ(VIP)، ما يعني أن ما تزخر به هذه الأسواق ليس قديماً أو مستعملاً بالمجمل، فهناك قسم كبير منه يندرج تحت تصفيات مواسم الدول الواردة منها.
متناقضات مضحكة ورغم إصرار وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية على عدم السماح بهذه المواد، إلا أن هناك أصواتاً تتعالى بتنظيم هذه الأسواق على اعتبار أنها أصبحت ركناً أساسياً في سوقنا المحلية، ولا ضير من وضع ضوابط وشروط تضمن تلبية حاجات مستهلكنا المحلي من جهة، وترفد الخزينة العامة من جهة أخرى، ولاسيما أن وجودها في الأسواق هو لمصلحة الشريحة البسيطة من ذوي الدخل المتدني وغير البسيطة، وأن مؤسسة سندس وشركة التجزئة كانتا تبيعات هذه المحلات مادة البالة المصادرة من الجمارك، وفق ما أكده أحد تجارها، مبيّناً أن وزارة التموين والتجارة الداخلية سابقاً اقترحت الموافقة على استيراد مادة البالة بشكل نظامي، شريطة تمويل عمليات الاستيراد من عائدات تصدير الألبسة الجاهزة أو ما شابه، وأن تكون مزوّدة بشهادة صحية خالية من الجراثيم ومعقّمة ومطهرة، وأن يتمّ تطبيق التعليمات النافذة من مكتب مقاطعة إسرائيل على موضوع استيراد البالة بشكل دقيق، إضافة إلى تدقيق جميع وثائق الاستيراد في حال الموافقة على ذلك من قبل أجهزة الجمارك والصحة.
هواجس وأشار التاجر إلى أن اتحاد غرف التجارة خاطب رئاسة مجلس الوزراء بضرورة استيراد هذه الألبسة بشكل نظامي، نظراً لأنها تسدّ حاجات ذوي الدخل المتدني، لافتاً إلى وجود مخاوف سابقة بأن هذه الألبسة تنقل الجراثيم والفيروسات، لكن ثبت أنها لا تقوم بنقل أية عدوى، موضحاً أن كل كمية تخرج من بلد المنشأ مرفقة بالضرورة بشهادة صحية تؤكد سلامتها، ووزارة الاقتصاد على اطلاع بهذا الموضوع.
ممنوعة منعاً باتاً معاون وزير الاقتصاد والتجارة الدكتور عبد السلام علي أكد لـ”البعث” أن موضوع السماح باستيراد البالة غير مطروح نهائياً من قبل الوزارة، مؤكداً أن الألبسة المستعملة ممنوعة من الاستيراد منعاً باتاً، لأسباب صحية وبيئية، وحماية للمنتج المحلي، مضيفاً: إن دخول هذه البضائع إلى القطر يتمّ بطرق غير شرعية، مشيراً إلى أنه وحماية للصناعة المحلية فإن الألبسة الجديدة وغير المجددة المسموح باستيرادها تخضع لشروط وضوابط محدّدة.
ورداً على سؤال أن البالة باتت مقصداً شعبياً لكثير من شرائح المجتمع، وبالتالي لا ضير من تنظيمها ووضعها تحت الرقابة الحكومية، قال علي: صحيح أن قرار المنع صدر عن وزارة الاقتصاد، لكن هذا المنع مستند إلى عدم موافقة وزارتي الصحة والبيئة، إلى جانب وزارة الصناعة التي لها بشكل أو بآخر دور في هذا الموضوع.
البعث ميديا – البعث