منصور.. يؤكد أهمية العمل المشترك للمجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب
ألقى وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور كلمة لبنان في مؤتمر جنيف 2 حول سورية الذي يعقد في مونترو، وقال: “منذ اندلاع الأحداث في سورية في شهر آذار2011، تسارعت التطورات والتداعيات الخطيرة على هذا البلد وعلى المنطقة ودولها، ولقد كان للبنان حيال ما يجري في هذا البلد الشقيق، الذي تربطنا به أواصر الأخوة والتاريخ والمصير المشترك سياسة واضحة تمثلت بالنأي بالنفس عما يجري فيه من أحداث، وتحييد نفسه عن التداعيات السلبية لهذه الأزمة.
هذه السياسة أردنا منها عدم التدخل في الشأن السوري، لأننا كنا نعي منذ اللحظة الأولى للأحداث، أن سورية بكل أطيافها، دولة ومعارضة وطنية تستطيع حل مشاكلها بمعزل عن التدخل الخارجي المباشر وغير المباشر في شؤونها الداخلية، لأن التدخل في شؤونها سيدخلها لوقت طويل في نفق مظلم، وسيستدرج تدخلات أخرى، ويكبدها خسائر فادحة في الأرواح، ويلحق بها الخراب والدمار والتهجير والنزوح، وهذا ما حصل للأسف. فدخلت سورية في دوامة العنف والاقتتال والعالم يحصي عدد الضحايا، وعدد المقاتلين القادمين إليها من أنحاء العالم”.
وأشار الى أن “تداعيات دورة العنف في سورية لم تقتصر عليها وحدها، بل امتد لهيبها الذي حذرنا منه مرارا ليصل إلى دول الجوار، حيث أصبحت المنطقة ساحة يتحرك فيها الإرهاب ليصبح جزءا واقعا من الاقتتال الدائر في سورية، وعاملا في تعقيد أزمتها.
وإذا كان لبنان قد نأى بنفسه عن الأحداث، إلا أن الأحداث في سورية ودورة العنف فيها لم تنأَ بنفسها بالكامل عنه. فالارتدادات الخطيرة للأزمة تسارعت على الساحة اللبنانية بشكل كبير لتلقي ظلالها من خلال مخاطر عديدة شكلت تحديا مباشرا للبنان، طالت أمنه واستقراره واقتصاده وديموغرافيته”.
أضاف: “لعل أبرز هذه المخاطر، الإرهاب الذي يضربنا اليوم متسلحا بأفكار متطرفة تكفيرية رافضة للآخر، لم تعرف المنطقة ولبنان سابقة لها. فالإرهاب اليوم يضرب بلداننا ويعمل على تفتيت نسيجها الوطني الواحد، أرضا وشعبا ومؤسسات ومجتمعات وطوائف.
والذين يدعون أن ما يجري في سورية من اقتتال نتيجة مشاركة حزب الله، وهو الحزب اللبناني المقاوم للاحتلال الاسرائيلي، إنما يريدون صرف الأنظار عن الوقائع، وتغطية الجرائم التي ترتكبها التنظيمات الارهابية، التي تتغلغل وتتغذى من أفكار تكفيرية متطرفة غريبة عن عادات وتقاليد وثقافات مجتمعاتنا”.
وتابع: “لم ينج لبنان من هذه العمليات المدمرة، إذ دخلت إليه خلايا متطرفة مرتبطة مباشرة بمنظمات إرهابية لتعبث بأمنه واستقراره، فقامت بسلسلة من التفجيرات طالت أكثر من مكان، موقعة مئات الشهداء والجرحى من المدنيين.
وهنا نؤكد أهمية العمل المشترك للمجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب واستئصاله، وتجفيف منابعه، وكشف المحرض والممول والداعم والمنظر، ضمانا للسلام والاستقرار في المنطقة والعالم، لأن الإرهاب لا حدود له”.
ورأى أن “التحدي الآخر الذي يواجهه لبنان أيضا يتمثل بالعبء الكبير الذي تحمله نتيجة دورة العنف في سوريا، التي تسببت بتدفق مئات الآلاف من النازحين السوريين ليصل عددهم إلى ربع سكان لبنان، عبء فاق طاقاته وإمكاناته، وترك تداعياته الإنسانية، المعيشية، الصحية، والأمنية على الوضع العام، وهنا نهيب مرة أخرى بالمجتمع الدولي ليتحمل مسؤولياته وواجباته حيال هذا الوضع الإنساني الصعب، فلبنان البلد الأصغر في المنطقة تحمل العبء الأكبر، لم يتخل عن واجباته حيال الأشقاء إنطلاقا من مسؤوليته الوطنية والإنسانية، ومن خصوصية العلاقات الأخوية اللبنانية السورية”.
وأكد “أننا نعلق الآمال على هذا المؤتمر ونرى فيه فرصة ذهبية للدخول في مسار الحل السياسي، وهو المخرج الوحيد للأزمة السورية، والذي لا بديل منه، وضرورة لوقف نزف الدم السوري، وتدمير سورية والأماكن التاريخية والأثرية والدينية فيها، وعودة النازحين إلى بلداتهم ومدنهم، وإعادة إعمار سوري، وهذا ما يشكل أمرا حيويا لحماية السلام الإقليمي والدولي، وليكن هذا المؤتمر انطلاقا للحوار بين الأشقاء السوريين في ما بينهم، وللمصالحة الوطنية الضرورية للحفاظ على وحدة سورية بكل أطيافها ومكوناتها، وتقرير مستقبلها، فالحل لا يمكن إلا أن يكون سورية، والسوريون وحدهم يقررون مستقبل بلدهم، بعيدا عن التأثيرات والتجاذبات والتدخلات التي لا تزيد الأوضاع إلا تعقيدا”.
وختم: “إننا نتطلع إلى حكمة السوريين وإرادتهم، فالحوار الإيجابي البناء وحده يخرج سورية من أزمتها، وبمواكبة الأفرقاء المعنيين في هذا المؤتمر، مما يحقق لها السلام المطلوب، وليكن السلام اليوم قبل الغد”.
البعث ميديا – بانوراما الشرق الأوسط