ثقافة وفن

الفنان السوري أحمد جرعتلي يبدأ مشروعه الرائد في الوطن العربي

باعتماده أسلوب الدمج بين المنظور الهندسي والرسم الواقعي يعيد الفنان السوري أحمد جرعتلي تشكيل لوحاته الجدارية، وصولاً إلى حالة جمالية يتلاشى فيها الواقع بمفرداته مع الرؤية المتخيلة للعمل الإبداعي، حتى يكاد المتخيل يصبح جزءاً من الواقع عبر رسوماتٍ ثلاثية الأبعاد، تنقل المشاهد لحالة من الواقع المبتكر.. ويهدف جرعتلي من خلال مشروعه إلى تطوير الحس البصري لدى المتلقي، وتعميق علاقته مع الفراغ العمراني باستخدام الرسم بطريقة الأبعاد الثلاثية، وهي تقنية جعلته صاحب المشروع الفني الأول في العالم العربي.

وفي حديثه عن هذه التقنية يقول جرعتلي: أهدف من خلال مشروعي هذا لمعالجة التلوث البصري في المدينة، وغالباً ما أختار الجدران والأرضيات الملاصقة للمواقع الأثرية، فكان اختياري لتنفيذ مشروعي الأول في مدينة مصياف؛ كونها مسقط رأسي، وتحديداً على سور المدينة القديمة، فاقتطعت حيزاً معمارياً يمتد على مساحة 72 متراً، منها 45 متراً أرضيات، والباقي على الجدار الخارجي للقلعة، مستخدماً أسلوب الرسم بالألوان الزيتية بعد طلي الأرضية والجدار بمادة الإكرليك الأبيض.. وأوضح جرعتلي أن أهم مراحل العمل تتمثل بتحديد نقطة المركز، بالتوازي مع خط التقاء الجدار بالسور، حيث تلتقي جميع الحبال الممتدة على طول موقع العمل لتشكل الخطوط العمودية في منظور اللوحة، وهذه النقطة هي مسقط عين الناظر على الأرض، لذلك أي خلل في تحديد نقطة المركز يؤدي إلى خلل العمل بالكامل.. تأتي بعدها عملية التعامل من النور والظل، فيظهر مدى تباين الضوء تفاصيل العمل، بشكلٍ يجعلها قريبةً جداً من الواقع، من خلال إبرازها لونياً؛ فالظل الناتج عن الضوء الطبيعي يقوي العمل الفني، ويعطيه سحراً خاصاً من خلال انعكاس الضوء على الشكل البصري، ليصبح العمل أكثر تجسيماً وبروزاً.

وعن أسلوبه وطريقته في الرسم يقول جرعتلي: أرسم بطريقة واقعية، لكن ليس بالمعنى التقليدي للواقعية، إنما أضيف عناصر مختلفة لخلق جو غرائبي، ربما يحاذي السريالية قليلاً، وبالتالي فإن ممارسة العمل الفني هي عملية إبداعية أقرب للحسية منها إلى الرياضية، لذا أتوحد مع اللوحة أثناء العمل لأخرج من ذهني كافة الأفكار المتعلقة بالحياة اليومية منطلقاً من مقولة بول كليه الشهيرة (أنا واللون شيء واحد) فأخرج بإحساس يقدم لي السعادة، لكنه في الوقت نفسه يحمّلني مسؤولية تجاه نجاح اللوحة؛ لأنها عندما تنجز تصبح ملكاً للمتلقي كالقصيدة تماماً، أما بالنسبة لاختياراتي لمضمون لوحاتي فالموضوعات على قارعة الطريق -كما يقال- لكن المهم هو الأسلوب ونمط بناء اللوحة، بحيث يكون جديداً ومبتكراً، وبعيداً عن التقليدي..

وفي ختام حديثه دعا جرعتلي جميع الجهات المعنية لتبنّي مثل هذه الأعمال الفنية، ودعمها، لما تضفيه من حالة جمالية على المدينة، إضافة إلى أن إنجاز مثل هذه الأعمال يجعل للفن التشكيلي موضع قدم في حياة المجتمع، لافتاً إلى أن هذا النوع من الفن يعد إبداعاً جديداً في مجال الدعاية والإعلان.

الفنان أحمد جرعتلي من مواليد مصياف 1984، خريج  كلية الفنون الجميلة قسم الاتصالات البصرية، له مشاركات في عدة معارض وملتقيات وفعاليات شعبية وأهلية في عدد من محافظات القطر، نفذ خلالها عدداً من الأعمال الجدارية أهمها عمله المنفذ في سورية بطريقة 3D الذي شكل محطة هامة في تجربته؛ باعتبارها أول تجربة فنية في العالم العربي، يعمل حالياً في رسم وتصوير بورتريهات احترافية في سورية ولبنان، وتصميم الجرافيك، إضافة لكونه مدرساً لمادة الخط العربي.

البعث- طرطوس –روبيل صبح