مساحة حرة

قرار مجلس الأمن 2139 ..والرد السوري؟

السؤال الذي يطرح نفسه في غمرة التصريحات المتناقضة والتهديدات المبطنة ، هو : هل الهدف من القرار 2139 هو إنساني بحت كما يُصوره الغرب ؟ وهل تم تفريغه من كل الثغرات التي تُتيح للغرب المعادي لسورية  استخدامه كذريعة لتدخل مباشر في الأزمة السورية حتى حظي بموافقة جميع أعضاء مجلس الأمن الدولي؟

لا نُخف بأن الإجابة على هذه الأسئلة وغيرها من المواقف والتصريحات تُثير قلق الشارع السوري ، سيما وأن تاريخ مجلس الأمن والأمم المتحدة في القضايا الإنسانية محط شبهة وريبة عبر تاريخهما الملوث بتغطية الأعمال العدوانية والحروب الظالمة ضد العديد من شعوب العالم تحت عناوين مختلفة منها حماية المدنيين والعمل الإنساني ، وكان آخرها ما جرى في ليبيا ، حيث تم تدمير الدولة وتخريب المؤسسات وإشاعة الفوضى والجريمة وتقسيم البلد بدواعي إنسانية ، وفيما يخص القرار ” الإنساني ” حول سورية يرى المراقبون بأن الهدف منه كان خبيثاً ويُبيت نيات شريرة ضد سورية قبل إجراء تعديلات جوهرية عليه أهمها :

– تعديل لغة التهديد والمطالبات في الفقرة /3 / حيث تم حذف عبارة ” وبالأخص السلطات السورية ” لكي يستعاض عنها بكلمة الأطراف .

-حذف الفقرة /17 / من نسخة مشروع القرار السابق والتي تتضمن فرض إجراءات تحت المادة /41 / من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة في حال عدم الامتثال .

– حذف الإشارة إلى المحكمة الجنائية الدولية ، وحذف فقرة مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بتحديد الأشخاص والكيانات التي تُعيق تطبيق القرار .

– إدخال فقرة حول الإرهاب في سورية وضرورة مكافحته ، وفقرة تُطالب المقاتلين الأجانب بالانسحاب من سورية على الفور وهذه للمرة الأولى ، وتلك ذات مدلولات مختلفة ، وتحمل تفسيرات متباينة ؟

بالرغم من أن القرار يحمل بصفة عامة الصبغة الإنسانية بنسبة عالية ، لكنه في الوقت ذاته لا يخلو من الثغرات التي يُمكن أن يُبني عليها الغرب الاستعماري المعادي لسورية وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية بعض الأمل في لعب دور جديد يؤدي إلى تغيير ميزان القوى على الأرض من خلال تغيير قواعد اللعبة في سورية ، وتعتبره وسيلة ضغط إضافية على سورية ، لكن الحكومة السورية وقيادتها السياسية والجيش العربي السوري والشعب السوري بأغلبيته الواسعة في حالة تنبه ووعي تام لكل خطوة أو محاولة من هذا القبيل .

   وتؤكد الأحداث على أن الحكومة السورية ومنذ بداية الأزمة عملت على توفير كل متطلبات تحسين الواقع الإنساني في كافة المناطق السورية ومنها المناطق الساخنة ، بالتواقت مع العمل الجاري على إعادة الأمن والآمان لكافة المناطق السورية ، وقد تحملت الحكومة في سورية ما نسبته / 70 / % من قيمة المساعدات الإنسانية التي يتم تقديمها للمهجرين والمناطق المنكوبة كما أكد ذلك مندوب سورية الدائم في الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري في كلمته أمام مجلس الأمن ، في حين تكفلت الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى ما نسبته / 30 / % فقط ، وإن المناطق المحاصرة التي لا يُمكن الوصول إليها بسبب وجود العناصر الإرهابية المسلحة فيها والتي تقوم بمنع وصول المساعدات الإنسانية وسرقتها والاستيلاء عليها عندما تصل إلى المناطق التي يُسيطرون عليها ، تعيش حالة إنسانية غاية في الصعوبة نتيجة هذا الحصار ، وقد أشار الدكتور الجعفري على ضرورة مكافحة الإرهاب قولاً وفعلاً لكي يتثنى للدعم الإنساني الوصول إلى محتاجيه الحقيقيين .

سورية إذ تؤكد باستمرارها على التعاون الفعال مع الأمم المتحدة ومنظماتها الإنسانية العاملة على الأراضي السورية ، وهي تقوم بتقديم العون والمساعدة اللوجستية والفنية لها لتنفيذ مهامها بالسرعة الممكنة ، وتُحذر في الوقت ذاته القوى المعادية محاولة اعتماد أية قراءة خاطئة لهذا القرار و تجاوز القوانين والمواثيق الدولية التي تُعطي للدول المستقلة حق ممارسة سيادتها الكاملة على أراضيها ، وإن أي استخدام لهذا القرار خارج الأهداف الإنساية ، سيتم منعه من قبل الجهات المختصة في سورية ، وإن أي مراجعة للقرار يجب أن تتم بالتعاون مع الحكومة السورية وبما ينسجم وميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية ، وإن التعبير “عن النية في النظر في اتخاذ خطوات لاحقة في حال عدم الامتثال “، الوارد في صلب القرار ، لا يُعطي الحق بالمطلق لدولة أو مجموعة دول القيام بأي موقف أو خطوة إجرائية من خارج مجلس الأمن الدولي بالاعتماد على هذا القرار .

بكل الأحوال تستمر الحكومة السورية بايصال المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق دون استثناء ، وإن من يُعيق وصول تلك المساعدات هي العصاباتالإرهابية التي تُحاصر مناطق محددة منذ أكثر من سنتين دون أن تتحرك الأمم المتدة ومنظماتها الفرعية ، وكأن تلك المناطق لا تُعنيها ، أين موقف المنظات الدولية من حصار نُبل والزهراء وعدرا العمالية وغيرها من المناطق التي لم يتمكن سكانها من الخروج نتيجة الحصار الظالم الذي تفرضه العصابات الإرهابية عليها؟

محمد عبد الكريم مصطفى

البعث ميديا