مساحة حرة

الانتخابات الرئاسية والغرب المنافق ؟!!

د. تركي صقر

لاأعتقد ان السوريين قد فوجئوا بموقف مفوضية الاتحاد الاوربي والولايات المتحدة الامريكية السلبي  تجاه اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وفقا للدستور السوري الذي تم الاستفتاء عليه واقراره في عام 2012 فهذه الجهات نصبت من نفسها وصية على تطبيق الديموقراطية  في بلدان العالم المختلفة واتخذت من شعارات الديموقراطية وحقوق الانسان طريقا لإثارة الازمات والصراعات و ذريعة لحشر انفها في الشؤون الداخلية لتلك البلدان  والتدخل السافر في كل شاردة وواردة في حياة شعوبها ورسم مستقبلها وكأن هذه الشعوب بنظرها لم تبلغ مرحلة الرشد لاختيار نظامها السياسي وشكل الحكم فيها ..

لقد اسقطت سورية جميع ادعاءاتهم الفارغة  بتطبيق الدستور الجديد  فالمادة الثامنة التي طالما اتخذوا منها قميص عثمان لتشويه صورة الحكم في سورية والتشويش على اية استحقاقات دستورية تم الغاؤها ولم يعد لها وجود  ووفقا لذلك تجري الانتخابات الرئاسية  على قاعدة التعددية والمنافسة وان يكون صندوع الاقتراع هو الحكم وباشراف القضاء ممثلا بالمحكمة الدستورية العليا وجاء قانون الانتخابات العامة الجديد ليكون الناظم لجميع الاستحقاقات الانتخابية وفق ارقى المعايير والمواصفات الدولية  وتلافى جميع الثغرات السابقة واستفاد من تجارب معظم الدول العريقة في تطبيق الديموقراطية ..

والمفارقة المضحكة ان حكام واشنطن و بعض عواصم الغرب الذين ملؤا الدنيا ضجيجا وغيرة كاذبة وحتى نحيبا ماكرا على تطبيق الديموقراطية في سورية وضرورتها وان يكون لصناديق الاقتراع  الكلمة الفصل نجدهم اول المحاربين لها وفي لحظة الاعلان عن اطلاقها في اطار مرحلة جديدة وتوجه جديد لاغبار عليه ..  وعندما لم يجدوا ثغرة في الدستورالجديد  او قانون الانتخابات العامة الذي استند اليه عادوا للتذرع بالازمة وان ظروفها لاتسمح باجرائها في خطوة مخادعة لتعطيلها وهم من يؤجج نيران الازمة  ويطيل عمرها ويصب الزيت على هذه النيران كلما لاحت في الافق بادرة حل وا سطع دليل  ما فعلوه بمؤتمر جنيف 2 عندما  لم تأت رياحه بما كانت تشتهيه سفنهم ..

لانستغرب هذه المفارقة وغيرها الكثير لان  سياسة  الاوصياء على الديموقراطية  قائمة على الانتقائبة وازدواجية المعايير والنفاق  فدول البترودولا التي ينخر الاستبداد عظامها والتي نشأت عليه  ولم تشتم  شعوبها رائحة الديموقرطية  منذ بداية تكوينها على اساس القمع والكبت لاينظر اليها في الغرب وامريكا على انها غير ديموقراطية بل هناك دوما مزيد من منح البركات والرضى  عن انظمتها القاهرة لشعوبها وتغطية كاملة عن افعالها المنافية لابسط مبادئ الديموقراطية وحقوق الانسان ولذلك فقدت واشنطن وغالبية عواصم الغرب مصداقيتها في اي حديث عن الديموقراطية ولم يعد لمواقفهم وتصريحاتهم حول الديموقراطية وحقوق الانسان اية قيمة  فجميع شعوب العالم باتت على قناعة بان هؤلاء يريدون  تسييس هذه المبادئ  وفق اهوائهم وعلى مقاس اجندات مصالحهم في هذه الدولة او تلك ..

ان الربط بين الازمة وتعليق الانتخابات حتى تنتهي هو ربط صوري وشكلاني يخفي لعبة مكشوفة وهي اذا لم يضمنوا وصول عملائهم الى السلطة  فلتقف الحياة السياسة في سورية الى ما لانهاية ولتعطل اية عملية انتخابية  وتشل بقرار خارجي وكأنه لاقيمة لارادة الشعب التي يريدون اعتقالها وارتهانها بايدي العصابات الارهابية  .. من هنا يبدو الاقدام على اطلاق انتخابات الرئاسة في موعدها المحدد دستوريا ودون الاخذ بالتهويل والتخويف من الازمة اقوى رد على الارهاب وداعميه  بل هو الجزء المكمل لانجازات الجيش العربي السوري على الارض في القضاء على العصابات الارهابية وتطهير التراب السوري من رجسها وبالتالي يغدو الاقبال على صناديق الاقتراع واختيار الرئيس الضامن والقادر على المضي في  مسيرة تخليص الوطن من شرور الارهاب الاسود وذيوله من اسمى المهام الوطنية  حتى ليمكن القول دون مبالغة ان ورقة الاقتراع التي يضعها المواطن في الثالث من حزيران المقبل هي بمثابة الرصاصة الموجهة الى صدور الارهابيين الذين حاولوا و يحاولون اغتيال دورة حياة المواطنين في مختلف جوانبها المعيشية والاقتصادية والسياسية وتفكيك عرى اللحمة الوطنية التي كانت عنوان سورية واصل هويتها الحضارية على امتداد تاريخها الطويل …

ويمكن القول ان انتخابات الرئاسة  وفي ظل الظروف المريرة  التي تمر بها سورية واكثر من اي وقت مضى هي فرض عين وليست فرض كفاية  وليس مقبولا القول: اذهب انت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون فالوطن في خطر حقيقي والجميع في دائرة الخطر دون استثناء ولاانتصار على هذا الخطر ودحره الا بتضافر جهود الجميع في المعركة العسكرية والسياسية الجارية  والانتخابات الرئاسية جزء هام للغاية منها .

 ان انتخابات الرئاسة  وعلى عكس  مايشيعون  تقرب السوريين من بعضهم و من الحل الذي يضحون من اجله وهوالحل السوري السوري النابع من ارادتهم وليس الحل المفروض  بارا دة غيرهم ومعلب بوصفات خارجية .. وليس صحيحا ان الانتخابات الرئاسية تزيد الفرقة والانقسام بل هي وكما تبدو من وهلتها الاولى فرصة لالتفاف السوريين حول احد اهم اركان وحدتهم الوطنية الا وهو مقام رئاسة الجمهورية  بغض النظر عمن سيصل الى سدة هذا المقام فضلا عن ان هذه الفرصة تزيد من مشاعر اعتصام المواطنين بعلم بلادهم المعمد بتضحيات الآباء والاجداد والدال على اساس وحدة االشعب  والارض والسماء السورية  وهذا بالتأكيد يقوي ولايضعف ويجمع ولايفرق ويجعل من السوريين اكثرصلابة و تصميما لمواجهة استحقاقات الحاضر والمستقبل ولاسيما الخروج من الازمة مهما كان الثمن والالتفات بسواعد واحدة لاعمار ما خربته الايدي الاثمة المجرمة واسقاط مشروع تدمير الدولة السورية الذي اجتمعت عليه قوى الظلام والحقد التكفيري الاعمى كلها ..

tu.saqr@gmail.com

 البعث ميديا