مساحة حرة

الاستحقاق الرئاسي.. والمؤشرات الشعبية ؟؟

يؤكد السوريون بمختلف أطيافهم أن الحرب الكونية الظالمة التي فُرضت عليهم منذ أكثر من ثلاثة أعوام متواصلة لم تتمكن من النيل من إصرارهم على استمرار الحياة العزيزة الكريمة ، ومقاومة العدوان بكل السبل والوسائل المتاحة كأي شعب يمتلك حق الدفاع عن وطنه ومستقبله وهو يعيش في دولة حرة مستقلة تقودها مؤسسات رسمية تقوم بتنفيذ القوانين والأنظمة التي صاغها الشعب السوري بنفسه أو عِبرَ من ينوب عنه في المجالس المحلية والوطنية ، وقد أثبتت التجربة صوابية النهج الذي تعتمده الدولة السورية في مواجهة تلك الحرب من خلال التمسك بمصالح الأغلبية الواسعة من الجماهير الشعبية ، وفي مقدمتها حق تحديد من سيكون رئيسه وفق خياراته المستقلة ، وقبول أو رفض شكل النظام وهيكلية الدولة التي يطمح .

لقد أكدت الحكومة السورية في أكثر من موقع ومناسبة رفضها لأي تدخل خارجي في القضايا السيادية التي يُمكن أن تنال من استقلالية الدولة ، وعلى رأسها موضوع الاستحقاق الرئاسي، وبناءً عليه تم تحديد البرنامج الخاص في كل ما يتعلق بالاستحقاق الرئاسي القادم، سواء لجهة إصدار قانون انتخابات عصري وحضاري يضمن حقوق المواطنين وينظم العملية الانتخابية وفق أفضل السبل المتبعة في أرقى دول العالم قاطبةً ، ومن ثم تحديد البرنامج الخاص بالترشيح والانتخاب وكل ما يتعلق بإنجاح الآلية الجديدة التي وضعها الدستور السوري المصادق عليه شعبياً ، وقانون الانتخابات العامة وقانون المحكمة الدستورية الصادرين عن مجلس الشعب السوري ، السؤال الذي يدور الآن في كواليس السلطة الرابعة ليس في سورية والوطن العربي فحسب ، بل على مستوى الصحافة الدولية كذلك هو : ما هي المؤشرات الشعبية في ظل استمرار الحرب الخارجية على سورية ؟ وما هي منعكسات الحالة الديمقراطية في الشارع مع ارتفاع عدد المرشحين لأكثر من عشر مرشحين بانتظار انتهاء خيارات مجلس الشعب وتحديد من هو المرشح الذي حصل على تأييد خمس وثلاثين عضواً من بين أعضاء مجلس الشعب ؟
من خلال مراقبتنا للحراك الشعبي في الشارع نستطيع التأكيد على بعض المؤشرات المتقاطعة بين الأغلبية الواسعة من الجماهير الشعبية ، وهي تتلخص بالتالي :
–    القناعة المطلقة لدى أغلب المواطنين الذين عبروا عن أرائهم بأن موقع الرئاسة غير قابل لخوض التجربة في مرحلة حساسة وهامة من حياة مجتمعنا، وإن أي مجازفة غير مقبولة والمعركة مع الإرهاب في أوجها.
–    لم يعد الاستحقاق الرئاسي حالة خاصة تهم مجموع المرشحين فقط، بقدر ما هي حالة وطنية شاملة يعكسها وعي وطني عالي المستوى في ظل ظروف استثنائية، حيث ظهرت ملامحه بوضوح في الشارع السوري بكل المحافظات السورية بعد إعلان السيد الرئيس بشار الأسد ترشحه لولاية رئاسية جديدة.
–    كما أصبح الاستحقاق الرئاسي في سورية محط اهتمام ومتابعة كل القوى الإقليمية والدولية لما يُمثله السيد الرئيس بشار الأسد بالذات من حامل أمين لمشروع المقاومة الوطنية في وجه الأطماع الصهيو –أمريكية المتنامية للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط بالكامل نظراً لأهميتها الجيوسياسية ، ودورها الفاعل والمؤثر في الصراعات الدولية.
–    أهم مؤشر تولد لدى الجماهير الشعبية في سورية نتيجة الظلم والقهر جراء ما تعرضوا له من الإجرام المنظم والإبادة الجماعية التي مارستها التنظيمات الإرهابية المجرمة في المناطق التي سيطرت عليها ، هو غياب المشاعر الإنسانية التي كانت تجمع السوريين بكل فئاتهم تحت سقف الوطن الواسع والتشكيك بمبدأ الحياة المشتركة التي عاشها السوريون كأسرة موحدة كانت لزمن طويل مثال حي عن التآخي الإنساني الفريد من نوعه في العالم قاطبة.
–      الحاجة إلى قائد شجاع يمتلك من الصفات العلمية والخبرات القيادية والنفحة الإنسانية التي لا تتوفر بأي شخص آخر ، وهناك أمثلة كثيرة لرؤساء هبطوا في القصور الرئاسية من مروحيات المستعمر، لم يتمكنوا من الثبات لأكثر من عام واحد دون أن يُحققوا أي إنجاز وطني.
–    إن إعادة إعمار ما تم تخريبه وتدميره من قبل قوى الشر المدعومة عالمياً ، يتطلب استنهاض الحالة الوطنية الجامعة لمشاركة الخبرات العلمية الوطنية من كل المناطق الشعبية المختلفة وينسجم مع إمكانياتها الذاتية .
–    ومن المؤشرات الهامة الاخرى في ظل تلك اللوحة المعقدة يرى المواطن السوري في أغلب المناطق بأن خياره الرئيسي لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية هو القائد الدكتور بشار حافظ الأسد ، الذي وقف بقوة في وجه أشرس معركة همجية عرفتها البشرية ، وصمد في مقدمة شعبه منذ انطلاق المؤامرة في عام 2005 حيث قال سيادته : “عَمِلت بعض الدوائر السياسية الدولية ووكلاؤها في مؤسساتنا العربية ..على الترويج لمشاريعها السياسية الهدامة تحت عناوين مثيرة تلامس مشاعر الناس وانفعالاتهم ..مستَهدِفةً غزو العقول والنفوس قبل الأوطان ..واجتياح الهوية الحضارية والوجود القومي قبل اجتياح الحدود .. وذلك من خلال حملات إعلامية منسقة بعناية ..صادفت نصيباً من النجاح بسبب ما تُهيمن عليه من تقنية وما تبذله من أموال ..وما يتوفر لها من أبواق مشبوهة تردد أصداء الحملات المضللة بانبهار وضحالة لا مثيل لها …سنخوض أنا وانتم هذه التحديات التي تواجهنا بروح العصر وسنهزمها بقوة الجيل وعزيمة أبنائنا وأجدادنا والتواصل بين ماضينا ومستقبلنا …” ، هذا هو القائد الذي تحدث عن المؤامرة والحرب القادمة منذ قرابة عقد من الزمن في إشارة واضحة على استمرار الهجمات العدوانية على وطننا وأمتنا ، وتأكيد من سيادته على مواجهتها بقوة وعزيمة لا تلين ، لذلك يتجه الشعب العربي السوري بدوافع ذاتية واخلاقية وإنسانية للوقوف بقوة خلف القائد الذي وعد بحماية الوطن من الأعداء ، ووفى بحكمة وصبر وصمود لا مثيل له في العالم ، وإذا كان السيد الرئيس بشار الأسد يصر على المقاومة والمواجهة ، فهذا لأنه يتسلح بإرادة شعبية كبيرة وبعزيمة الجيش العربي السوري الباسل الذي يخوض معارك الشرف والكرامة دفاعاً عن الوطن والأمة وعن الإنسانية كلها في وجه العصابات الإرهابية المجرمة .

محمد عبد الكريم مصطفى