رأي آخر «صرعات» الديمقراطية الفرنسية
أغلب الظنّ، أنّ أمسيّة الأمس كانت بالغة الإحراج لدعاة الديمقراطية الفرنسيين، فثمة صفعة تلقوها وديمقراطية بلدهم المزعومة، من ديكتاتور أمعن نسفاً لكل معاني الحرّية والرصيد الفرنسي في سجل المنافحة عن الديمقراطية، منذ اندلاع الثورة الفرنسية وحتى هذا العقد الثاني من الألفية الثالثة!!
وربما لم يكن يتوقع أولئك الذين أرادوا لباريس أن تكون عاصمة الخصوصية الديمقراطية، وسوّقوا المصطلح كخصوصية نسبية بل مطلقة تَسم ” مدينة الحريات”، أن تسخر الأقدار منهم ومن ديمقراطياتهم وخصوصياتهم وميْزاتهم النسبية والمطلقة، وتسلّط عليهم شيطاناً أخرق بعنوان” فرانسوا أولاند” ليعلن نهاية لعبة الديمقراطية الفرنسية، مسجلاً وصمة تاريخية على “جبين” الجمهورية الخامسة، وربما على قبر شارل ديغول أول رئيس لها!!
بالأمس، كانت الخيبة التي ستكون أقرب إلى الكارثيّة إنْ صمت الفرنسيون لها، فأن تمنع الحكومة الفرنسية السوريين المقيمين من ممارسة حقّهم في استحقاق ديمقراطي نوعي وملح لجهة خصوصية الظرف الذي تمر به بلادهم، هو مؤشّرٌ بالغ الوضوح على نهجٍ تعسّفي ليس بالسوريين وحدهم، بل بفرنسا وبالشعب الفرنسي الذي نعتقد أن نفوسه مازالت تعاف الاقتراب من “الباستيل” رمز عبوديتهم، ليسقط في “باستيل أولا ند ” وعبوديته، ويعود إلى عصر المملكة الفرنسية، وإلى زمن ما قبل الثورة.
فرنسا التي طالما زعمت المنافحة عن الديمقراطيات في هذا العالم، تقوّض أو تحاول اليوم تقويض ديمقراطية بلد كسورية يكافح ويناهض أخطر أشكال الإرهاب المنظّم!!
بلد “العلمانية” يدعم أكثر الجماعات الظلامية والتكفيرية خطراً في هذا العالم، وينأى بالسوريين الشرفاء عن صناديق اقتراع تقرير المصير وخيارات الديمقراطية والعلمانية والسلام…فأي بلد وحكومة ديمقراطية وعلمانية هذه؟؟؟
أي حرّية مزيفة يمكن أن تزعمها الحكومة الفرنسية المستلبة ليس لأمريكا وحسب، بل لمن هم أرخص وأقذر، هنا على مقربةٍ منّا في ممالك الخليج ومشيخاته، حيث ديمقراطية الفورات النفطية، و” تجشؤات” المال والعربدة، وتعميم أكثر نموذج سلطوي بؤساً وقهراً للشعوب وتعسّفاً بإمكاناتها ومواردها!!
الشعب السوري ماضٍ إلى خياراته الديمقراطية بلا تردد، وإن كرهت فرنسا أولاند وحكومته، فقد اعتاد هذا الشعب أن يقهر التحدّيات الصعبة، هو الذي انتصر على كل زمرة المتأبطين شرّاً له ولبلده ولمستقبلة، انتصر على الحديد والنار وبإصرار وعناد الحرص على العزة والكرامة الوطنية، وسيتوج انتصاراته بانتصار ديمقراطي، يوجه من خلاله صفعةً مدوية لأولاند وحكومته وكل من سيمنع السوريين المغتربين من ممارسة حقهم الديمقراطي -وقد نسمع عن محاولات مشابهة لإجراء الحكومة الفرنسية- لكننا شعب أراد الحياة قولاً وفعلاً، ولا بد أن يستجيب العالم بأربع جهاته وأبعادها وأصقاعها القريبة والبعيدة.
نـــاظــم عـيـد